كتاب كيفية دعوة الملحدين إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة

العارضة من: تهودٍ، وتنصرٍ، وتمجسٍ، مثل حجاب يحول بين البصر ورؤية الشمس، وكذلك كل ذي حس سليم يحب الحلو، إلا أن يعرض في طبيعته فساد يحرفه حتى يجعل الحلو في فمه مرًّا)) (¬1).
وليس المراد بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((يولد على الفطرة)) أنه خرج من بطن أمه يعلم الدين ويعتقد الإسلام بالفعل؛ لأن اللَّه يقول: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (¬2).
ولكن المراد أن فطرته مقتضية لمعرفة دين الإسلام ومحبته، وقبوله وإرادته للحق، وإقراره بالربوبية، فلو خُلّي من غير معارض ومن غير مغيِّر لما كان إلا مسلماً ولم يعدل عن ذلك إلى غيره، كما أنه يولد على محبة ما يلائم بدنه من ارتضاع اللبن حتى يصرفه عنه صارف، ومن ثم شُبِّهت الفطرة باللبن، فهي تستلزم معرفة اللَّه ومحبته وتوحيده (¬3).
ويدل على ذلك رواية مسلم: ((ما من مولو يُولَدُ إلا وهو على هذه الملة حتى يُبيِّن عنه لسانه)) (¬4).
¬_________
(¬1) درء تعارض العقل والنقل، 9/ 375، والفتاوى لابن تيمية، 4/ 247.
(¬2) سورة النحل، الآية: 78.
(¬3) انظر: شرح النووي على مسلم، 16/ 208، وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 4/ 247، 16/ 344، 4/ 249، وفتح الباري، 3/ 248 - 250.
(¬4) مسلم، كتاب القدر، باب معنى: كل مولود يولد على الفطرة، 4/ 2048، (رقم 2658) (23).

الصفحة 11