كتاب الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 20)
الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِى بَكْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ، أَىُّ شَهْرٍ هَذَا». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ «أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «أَىُّ بَلَدٍ هَذَا». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ «أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ «فَأَىُّ يَوْمٍ هَذَا». قُلْنَا اللَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
و (الجزع) بالجيم والزاي القطع. قوله (ابن أبي بكرة) هو عبد الرحمن واسم أبي بكرة نفيع مصغر ضد الضر مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثقفي البصري و (الزمان) اسم لقليل الزمان وكثيره وأريد به ههنا السنة و (كهيئته) صفة مصدر محذوف أي استدار استدارة مثل حالته يوم خلق الله السماء والأرض. كان للكفار في الجاهلية نسيء، وقد أخبر الله تعالى عنه بقوله (إنما النسيء زيادة في الكفر) يؤخرون الشهور بعضها عن بعض ويقدمونها ويحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ويزيدون في عد الشهور ويغيرونها عن مواضعها، وكان إذا أتى على ذلك عدة من السنين يعود الأمر إلى الأصل فوافق حجة الوداع عوده إلى أصله فوقع الحج في ذي الحجة أي بطل النسيء الذي كان في الجاهلية وعادت الأشهر إلى الوضع القديم. قوله (حرم) جمع حرام أي يحرم القتال فيها ثلاثة منها سرد وواحد فرد. فإن قلت القياس ثلاثة لا ثلاث. قلت إذا كان المميز محذوفاً جاز فيه الأمران و (مضر) بضم الميم وفتح المعجمة وبالراء قبيلة كانوا يعظمونه غاية التعظيم ولم يغروه عن موضعه الذي بين جمادي الآخرة وشعبان، وإنما وصف به تأكيداً أو إزاحة للريب الحادث فيه من النسيء. قوله (البلدة) أي المعهودة التي هي أشرف البلاد وأكثرها حرمة
الصفحة 124
224