كتاب الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 22)

أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ

بَاب رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ
وَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والنون أي الكلمة المسموعة من الجن وبالمهملة والقاف و (الجني) مفرد الجن خلاف الإنس و (يخطفها) بفتح الطاء على اللغة الفصيحة وبكسرها و (يقرها) بضم القاف وشدة الراء أي يصوت بها يقال قرقريرًا إذا صوت أو يصبها فيها كان يصب في القارورة يقال قر الحديث في أذنه إذا صبه فيها وقيل القرترديدك الكلام في أذن المخاطب حتى يفهمه وفي بعضها الدجاجة بفتح الدال وكسرها مر الحديث في باب صفة إبليس في كتاب بدء الخلق، الخطابي (ليسوا بشيء) معناه نفى ما يتعاطونه من علم الغيب أي ليس قولهم بشيء صحيح يعتمد عليه كما يعتمد على أخبار الأنبياء الذين يوحى إليهم من الغيب وهذا كما تقول لمن عمل عملا من غير إتقان لصنعه ما عملت شيئًا ولمن قال قولا غير سديد ما قلت شيئًا قال و (الدجاجة) بالدال ولعل الصواب الزجاجة بالزاي ليلائم معنى القارورة الذي في الحديث الآخر وإن صحت الرواية بالدال فهو من قولهم قرت الدجاجة وقرقرت إذا قطعت صوتها وروى قر بكسر القاف وهو حكاية صوتها قال وقد بين صلى الله عليه وسلم أن إصابة الكهان أحيانا إنما هو لأن الجني يلقي إليه الكلمة التي يسمعها استراقا من الوحي فيزيد إليها أكاذيب يقيسها على ما كان يسمع فربما أصاب وربما أخطأ وهو الغالب وهؤلاء الكهان فيما علم بشهادات الامتحان قوم لهم أذهان حادة ونفوس شريرة وطبائع نارية فألفتهم الشياطين لما بينهم من المناسبة وساعفتهم بما في وسعهم من القدرة في هذه الأمور ويستفتونهم في الحوادث فيلقون إليهم الكلمات المرجومة قال تعالى «هل أنبئكم على من تنزل الشياطين» ثم قال «والشعراء يتبعهم الغاوون» فوصلهم بهم في الذكر ولذلك تجد الكهان يقطعون تقطيع قوافي الشعر وتجد بعضهم يدعي أن له خليلا من الجن يملي عليه الشعر ويقوله على لسانه قال ويحكى عن جرير بن عبد الله قال كنت في سفر في الجاهلية فأصللنا الطريق فصرت إلى الخيام فنزلت فقدموا لنا ألبان الوحوش وإذا هم جن من الجن ثم دعوا شيخا منهم فقالوا عن لنا فغنى ببيت ثم ثنى بآخر فقلت أحدهما لطرفة والآخر للأعشى فقال كذبا ما قالا أنا الذي كنت ألقي الشعر على لسانهما هذا شأن حزب الضلالة المتكلفين لما ليس لهم والأنبياء عليهم السلام لا يتكلفون القول ولا يطلبون الأجر قال تعالى «قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين» والكاهن يتكلف الكذب ويطلب الأجر فيأخذ الرشوة فحزب

الصفحة 61