كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ط وزارة العدل (اسم الجزء: 1)

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل أمر ذي بال" معناه له حال يهتم به، ومعنى "أقطع": أي: ناقص قليل البركة و "أجذم" بمعناه، وهو بجيم وذال معجمة، يقال: جَذِمَ يَجْذَمُ كعلم يعلم. قال العلماء: تستحب البداءة بالحمد لله لكل مصنف، ودارس ومدرس، وخطيب، وخاطب، ومزوّج، ومتزوج، وبين يدي سائر الأمور المهمة انتهى. وفي لفظ: "كلُّ أمرٍ ذي بالٍ لا يُبدأ فيه بحمدِ اللهِ والصلاةِ عليَّ فهوَ أقْطَعُ أبْتَرُ ممحوقٌ من كلِّ بركةِ". رواه الرهاوي عن أبي هريرة.
وقدم البسملة على الحمدلة عملًا بالكتاب والإجماع، فوقع الابتداء بها حقيقة، وبالحمدلة بالنسبة لما بعدها إذ الابتداء أمر عرفي يعتبر ممتدًا من الأخذ في التأليف إلى الشروع في المقصود، فلا تعارض بين خبريهما.
وأصل الحمد النصب، لأنَّه من مصادر شاع استعمالها منصوبة بإضمار أفعالها، وعدل إلى رفعه كما في "سلام عليكم" للدلالة على الدوام والثبات، وأل في الحمد للجنس، أو الاستغراق، أو العهد، واللام في لله للملك، أو الاستحقاق، أو التعليل؛ أي: جميع المحامد مملوكة، أو مستحقة، أو ثابتة لأجل الله تعالى.
(الذي فقه) أي: فهم (من أراد) أي: الله تعالى (به خيرًا) هو ضد الشر (في الدين) متعلق بفقّه. روى الإمام أحمد، وغيره عن ابن عباس، ومعاوية، وغيرهما مرفوعًا: "من يردِ اللهُ بهِ خيرًا يفقهْهُ في الدِّينِ" (¬١). أي: يفهمه الأحكام
---------------
(¬١) حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند الإمام أحمد (١/ ٣٠٦) والترمذي في العلم باب (١) حديث ٢٦٤٥.
وحديث معاوية رضي الله عنه عند الإمام أحمد: (٤/ ٩٢، ٩٣، ٩٥، ٩٦، ٩٧، ٩٨، ٩٩، ١٠١، ١٠٤)، والبخاري في العلم، باب ١٣، حديث ٧١، وفي الاعتصام، باب ١٠، حديث ٧٣١٢، وفي فرض الخمس، باب ٧، حديث ٣١١٦، ومسلم في الزكاة، حديث ١٠٣٧. =

الصفحة 7