كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ط وزارة العدل (اسم الجزء: 1)
(ولا يطهر جلد ميتة نجس بموتها بدبغه) هذا قول عمر، وابنه، وعائشة، وعمران بن حصين، لما روى عبد الله بن عكيم قال: "أتانا كتابُ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قبلَ وفاتِه بشهرٍ أو شهرَين أن لا تَنْتَفِعُوا من المَيْتَةِ بإهَابٍ ولا عَصَبٍ" رواه الخمسة (¬١)، ولم يذكر التوقيت غير أبي داود، وأحمد. وقال: ما أصلح إسناده. وقال أيضًا: حديث ابن عكيم أصحها.
وفي رواية الطبراني والدارقطني: "كنت رخصت لكم في جلود الميتة، فإذا جاءكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" (¬٢). وهو دال على سبق الرخصة وأنه متأخر، وإنما يؤخذ بالآخر من أمره - عليه السلام -. لا يقال: هو مرسل، لكونه عن كتاب لا يعرف حامله؛ لأن كتبه - عليه السلام - كلفظه. ولهذا كان يبعث كتبه إلى النواحي بتبليغ الأحكام، فإن قيل: الإهاب اسم للجلد قبل الدبغ، وقاله النضر بن شميل، أجيب: بمنع ذلك، كما قاله طائفة من أهل اللغة، يؤيده أنَّه لم يعلم أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خص في الانتفاع به قبل
---------------
(¬١) أبو داود في اللباس، باب ٤٢، حديث ٤١٢٧، ٤١٢٨، والترمذي في اللباس، باب ٧، حديث ١٧٢٩، وقال: حديث حسن. والنسائي في الفرع، باب ٥، حديث ٤٢٦٠، وابن ماجة في اللباس، باب ٢٦، حديث ٣٦١٣، وأحمد: (٤/ ٣١٠، ٣١١)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار": (١/ ٤٦٨)، وابن حبان "الإحسان" (٤/ ٩٣ - ٩٥) حديث ١٢٧٧، ١٢٧٨، والطبراني في "الصغير" (١/ ٢٢٢)، (٢/ ١٠١) وفي الأوسط (١/ ٤٥٦، ٣/ ٦٤، ٢٠٥)، وابن حزم في "المحلى": (١/ ١٢١)، والبيهقي في "السنن": (١/ ١٥).
(¬٢) رواه الطبراني في الأوسط (١/ ١٠٥) حديث ١٠٤، ولم نجده في المطبوع من سنن الدارقطني فلعله رواه في الغرائب والأفراد، وقد ذكر طرفه ابن طاهر المقدسي في أطراف الغرائب والأفراد (٤/ ١٩٨) رقم ٤٠٤٤، ورواه -أيضًا- ابن عدي في الكامل (٤/ ١٣٤٧)، وذكره العلامة ابن القيم في تهذيب السنن (٦/ ٦٨) وأشار لضعفه.