كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ط وزارة العدل (اسم الجزء: 3)
والتذلل، ولا يستحقه إلَّا الله تعالى، قال الفخر إسماعيل (¬١) وأبو البقاء (¬٢): العبادة ما أمر به شرعًا من غير اطراد عرفي، ولا اقتضاء عقلي، وسمي العبد عبدًا لذلته، وانقياده لمولاه.
(ولك نصلي ونسجد) لا لغيرك (وإليك نسعى) يقال: سعى يسعى سعيًا إذا عدا، وقيل: إذا كان بمعنى الجري عدي بإلي، وإذا كان بمعنى العمل فباللام، لقوله تعالى: {وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} (¬٣) (ونحفد) بفتح النون ويجوز ضمها يقال: حفد بمعنى أسرع، وأحفد لغة فيه، فمعني "نحفد" نسرع؛ أي نبادر بالعمل والخدمة (نرجو) أي نؤمل (رحمتك) سعة عطاياك (ونخشى) نخاف (عذابك) أي عقوبتك، لقوله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} (¬٤) (إن عذابك الجد) بكسر الجيم: الحق لا اللعب (بالكفار ملحق) بكسر الحاء أي لاحق بهم، ويجوز فتحها لغة على معنى: أن الله تعالى يلحقه بهم، وهو معنى صحيح، قال في "الشَّرح"و"المبدع": غير أن الرّواية هي الأولى. وهذا الدعاء قنت به عمر رضي الله عنه (¬٥)، وفي أوله: بسم الله الرحمن الرحيم، وفي آخره: "اللَّهم عذب
---------------
(¬١) هو إسماعيل بن علي بن حسين البغدادى الفقيه الأصولي أبو محمد يلقب فخر الدين، توفي سنة ٦١٠ هـ رحمه الله تعالى. انظر الذيل على طبقات الحنابلة (٦٦/ ٢).
(¬٢) هو عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن الحسين العكبري الفقيه المفسر الضَّرير، توفي سنة ٦١٦ هـ رحمه الله تعالى. انظر الذيل على طبقات الحنابلة (٢/ ١٠٩).
(¬٣) سورة الإسراء، الآية: ١٩.
(¬٤) سورة الحجر، الآيتان: ٤٩ - ٥٠.
(¬٥) أخرجه عبد الرَّزاق (٣/ ١١١) رقم ٤٩٦٩، وابن أبي شيبة (٢/ ٣١٤ - ٣١٥)، وعبد الله ابن أحمد في مسائله ص/٩٣، والطحاوي (١/ ٢٤٩)، والبيهقيّ (٢/ ٢١٠ - ٢١١).
قال الحافظ في التلخيص الحبير (٢/ ٢٥): وإسناده صحيح.