كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ط وزارة العدل (اسم الجزء: 5)

للمسجد رَحَبَةٌ (¬١) (وإن كان له رَحَبةٌ غيرُ مَحوطة) قيَّدَ به ابن حمدان، وهو ظاهر؛ لأن المَحوطة مِن المسجد، فحكمهما حكمه (يمكنها ضَرْبُ خِباء) -هو ما يُعمل من وَبَر أو صوف، وقد يكون مِن شعر، وجمعه: أخبية، بغير همز، مثل كساء وأكسية، ويكون على عودين، أو ثلاثة، وما فوق ذلك فهو بيت، قاله في "الحاشية"- (فيها بلا ضَرر، سُنَّ) لها ضَرب الخِباء بها، وأن تجلِس بها (إن لم تخف تلويثًا، فإذا طَهُرت، دخلت المسجدَ) لِتُتِمَّ اعتكافَها؛ لما روى المقدام بن شُريح عن عائشة، قانت: "كُنَّ المعتكفاتُ إذا حِضنَ أمرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإخراجهنَّ مِن المسجدِ، وأن يَضربنَ الأخبِيةَ في رَحَبةِ المسجدِ حتَّى يَطهُرنَ" رواه أبو حفص (¬٢) بإسناده.

(و) تَخرج المُعتكفة (لِعدَّة وفاة) في منزلها؛ لوجوبها شرعًا، كالجُمعة، وهو حَقٌّ لله ولآدمي، لا يُستدرك إذا تُرِك، بخلاف الاعتكاف، ولا يبطل به (ونحوها) أي: المذكورات (مما يجبُ الخروج له) كما إذا تعيَّنت عليه صلاة جنازة خارجة ودَفن ميت.
---------------
(¬١) الرحبة: تقدم التعريف بها (٥/ ٣٦٨) تعليق رقم (٢).
(¬٢) أبو حفص هو عمر بن إبراهيم بن عبد الله، العكبري، معرفته عالية بالمذهب، له التصانيف السائرة منها: "المقنع" و"شرح الخرقي" و "الخلاف بين أحمد ومالك" و "محاسبة النفس والجوارح" ولم يطبع شيء من كتبه فيما تعلم، توفي سنة (٣٨٧ هـ) رحمه الله تعالى. طبقات الحنابلة (٢/ ١٦٣).
وقد وقع وَهْمٌ في تعيينه في (٢/ ٣١٨) فليصحح من هنا.
ولم نقف على هذا الحديث مسندًا، وقد روى ابن أبي شيبة (٣/ ٩٤) عن أبي قِلابة قال: المعتكفة تضرب ثيابها [كذا في المطبوع، والصواب خباءها كما في المغني (٤/ ٤٨٧)] على باب المسجد إذا حاضت.

الصفحة 383