كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ط وزارة العدل (اسم الجزء: 6)

(ويُباح للفقراء الأخذ من الهَدْي إذا لم يدفعه إليهم بالأذن، كقوله) أي: المالك: (من شاء اقتطع، أو بالتخلية بينهم وبينه) لأنه - صلى الله عليه وسلم - "نحو خمسَ بدَنَاتٍ وقال: من شاءَ فَليقتَطِع" (¬١) وقال لسائق البدن: "اصْبغ نعلَها في دَمِها، واضْرِب به صَفحَتها" (¬٢). وفيه دليل على اكتفاء الفقراء بذلك من غير لفظ، وإلا، لم يكن مفيدًا.
فصل
(سَوْق الهدي) من الحلِّ (مسنون) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله، فساق في حجته مائة بَدَنة (¬٣)، وكان يبعث بهديه وهو بالمدينة (¬٤).
(ولا يجب) سوق الهدي؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر به، والأصل عدم الوجوب (إلا بالنذر) لحديث: "من نذَرَ أن يُطِيعَ الله فليطِعه" (¬٥).
(ويُستحب أن يقفه) أي: الهَدْي (بعرفة) رُوي عن ابن عباس (¬٦)، وكان ابن عمر لا يرى هَدْيا إلا ما وقفه بعرفة (¬٧).
ولنا أن المراد نحوه، ونفع المساكين بلحمه، وهذا لا يتوقف على
---------------
(¬١) تقدم تخريجه (٦/ ٣٩٨)، تعليق رقم (٢).
(¬٢) تقدم تخريجه (٦/ ٤١٤)، تعليق رقم (١).
(¬٣) تقدم تخريجه (٦/ ٤٠٦)، تعليق رقم (٢).
(¬٤) تقدم تخريجه (٦/ ٣٧٩)، تعليق رقم (٢).
(¬٥) أخرجه البخاري في الأيمان، باب ٢٨، ٣١، حديث ٦٦٩٦، ٦٧٠٠ عن عائشة رضي الله عنها، وتمامه: "ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه". وتقدم تخريجه (٣/ ٤٣٨) تعليق رقم (١).
(¬٦) أخرجه سعيد بن منصور، كما في المحلى (٧/ ١٦٦) بلفظ: إن شئت فعرف الهدي، وإن شئت فلا تعريف به، إنما أحدث الناس السياق مخافة السراق.
(¬٧) أخرجه مالك في الموطأ (٢/ ٣٧٩)، وسعيد بن منصور، كما في المحلى (٧/ ١٦٦)، وابن أبي شيبة "الجزء المفرد" ص / ١٥٤، والبيهقي (٥/ ٢٣٢).

الصفحة 418