كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ط وزارة العدل (اسم الجزء: 7)

الصحابة لم يقتلوهم حسين فتحوا البلاد؛ ولأنهم لا يقاتلون، أشبهوا الشيوخ والرهبان، وفي "الإرشاد": وحَبْر.
(لا رأي لهم) فمن كان من هؤلاء ذا رأي -وخصَّه في "الشرح" بالرجال، وفيه شيء، قاله في "المبدع"- جاز قتله؛ لأن دريد بن الصِمَّة قُتل يوم حنين، وهو شيخ لا قتال فيه؛ لأجل استعانتهم برأيه، فلم ينكر - صلى الله عليه وسلم - قتله (¬١)، ولأن الرأي من أعظم المعونة على الحرب، وربما كان أبلغ في القتال، قال المتنبي (¬٢):
الرأيُ قبل شجاعة الشُّجعان ... هو أولٌ وهي المحلُّ الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفسٍ مُرَّةٍ ... بَلَغَتْ من العلياء كلَّ مكان
ولربما طَعن الفتى أقرانه ... بالرأي قبل تطاعن الفُرْسان
(إلا أن يقاتلوا) فيجوز قتلهم بغير خلاف؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَتَلَ يوم قُرَيْظة (¬٣) امرأةً ألقَتْ رحًى على محمود بنِ مسلمة (¬٤)، وروى ابن عباس:
---------------
= رقم ٢٦٢٥، وابن أبي شيبة (١٢/ ٣٨٣)، والبيهقي (٩/ ٩١).
(¬١) أخرجه البخاري في المغازي، باب ٥٥، حديث ٤٣٢٣، ومسلم في فضائل الصحابة، حديث ٢٤٩٨ عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-.
(¬٢) ديوانه ص/ ٤١٤.
(¬٣) في "ح": "يوم بني قريظة".
(¬٤) أخرج أبو داود في الجهاد، باب ١١١، حديث ٢٦٧١، والطبري في تاريخه (٢/ ٥٨٩)، وأحمد (٦/ ٢٧٧)، والحاكم (٣/ ٣٥)، والبيهقي (٩/ ٨٢)، وابن عبد البر في التمهيد (١٦/ ١٤١)، عن عائشة -رضي الله عنها - قالت: لم يقتل من نسائهم -تعني بني قريظة- إلا امرأة؛ إنها لعندي تحدث، تضحك ظهرًا وبطنًا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقتل رجالهم بالسيوف، إذ هتف هاتف باسمها: أين فلانة؟ قالت: أنا، قلت: وما شأنك؟ قالت: حَدَث أحدثته. قالت: فانطلق بها، فضُربت عنقُها، فما أنسى عجبًا منها أنها تضحك ظهرًا وبطنًا وقد علمت أنها تُقتل. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. =

الصفحة 54