كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ط وزارة العدل (اسم الجزء: 7)
وقال تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} الآية (¬١).
ولأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث السرايا، ويُقيم هو وأصحابه.
وأما قوله تعالى: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (¬٢) فقد قال ابن عباس: نَسَخَها قوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} رواه الأثرم وأبو داود (¬٣). ويحتمل أنه حين استنفرهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى غزوة تبوك، وحينئذ يتعيَّن، كما يأتي؛ ولذلك هَجَر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كعبَ بنَ مالك وأصحابَه تخلَّفوا، حتى تاب اللهُ عليهم (¬٤).
(وسُن في حقِّهم) أي: حقِّ غير الكافِيْنَ فيه (بتأكُّد) لحديث أبي داود عن أنس مرفوعًا: "ثلاث من أصلِ الإيمان: الكَفُّ عمنْ قال: لا إلهَ إلا اللهُ، لا نكَفِّرُه بذنبِ، ولا نُخرِجه من الإسلام بعملٍ، والجهادُ ماضٍ منذُ بَعَثنَي اللهُ حتى يقاتِلَ آخرُ أمَّتي الدَّجالَ، لا يُبطِلُه جَورُ جائرٍ، ولا عَدْلُ عادل، والإيمانُ بالأقدارِ" (¬٥).
---------------
(¬١) سورة التوبة، الآية: ١٢٢.
(¬٢) سورة التوبة، الآية: ٣٩.
(¬٣) لعل الأثرم رواه في سننه ولم تطبع، وأخرجه أبو داود في الجهاد، باب ١٨، حديث ٢٥٠٥. وأخرجه -أيضًا- أبو عببد في الناسخ والمنسوخ ص/ ٢٠٥ رقم (٣٨٥)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٦/ ١٧٩٨، ١٨٠٣، ١٩٠٩)، رقم ١٠٠٣٥، ١٠٠٦٢، ١٠١١٥، والطبراني في مسند الشاميين (٣/ ٣٢٦) رقم ٢٤١٣، والبيهقي (٩/ ٤٧). وحسَّنه الحافظ ابن حجر في الفتح (٦/ ٣٨)، وقال الشوكاني في نيل الأوطار (٧/ ٢٥١): سكت عنه أبو داود والمنذري، ورجال إسناده ثقات إلا علي بن الحسين بن واقد، وفيه مقال، وهو صدوق.
(¬٤) قصة توبة كعب بن مالك وصاحبيه أخرجها البخاري في المغازي، باب ٧٩، حديث ٤٤١٨، ومسلم في التوبة، حديث ٢٧٦٩، عن كعب بن مالك رضي الله عنه.
(¬٥) أخرجه أبو داود في الجهاد، باب ٣٥، حديث ٢٥٣٢. وأخرجه -أيضًا- سعيد بن منصور (٢/ ١٥٢) حديث ٣٢٦٧، وأبو يعلى (٧/ ٢٨٧) حديث ٤٣١١، ٤٣١٢، =
الصفحة 6
564