كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ط وزارة العدل (اسم الجزء: 8)
فصل
الشرط (السادس) للسَّلَم: (أن يقبض) المسلَمُ إليه أو وكيله (رأس ماله) أي: السَّلَم (في مجلس العقد) قبل التفرُّق، استنبطه الشافعي (¬١) من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أسلف فليُسلِفْ" (¬٢) أي: فليعط، قال: لأنه لا يقع اسم السَّلَف فيه حتى يعطيه ما أسلفه قبل أن يفارق من أسلفه. انتهى. وحذارًا (¬٣) أن يصير بيع دَيْن بدَيْن، فيدخل تحت النهي (أو ما في معنى القبض، كما لو كان عنده) أي: المسلَم إليه (أمانة، أو عين مغصوبة) ونحوها فجعلها ربها رأس مال سلم، فيصح؛ لأنه في معنى القبض.
و (لا) يصح عقد السَّلَم (بما في ذمته) أي: المسلَم إليه، بأن يكون له عليه دَيْن فيجعله رأس مال سَلَم؛ لأنه بيع دين بدَيْن، فهو داخل تحت النهي، وتقدم (¬٤).
(فإن قبض) المسلَم إليه (البعض) من رأس مال السَّلَم قبل التفرُّق (ثم افترقا قبل قبض الباقي، صَحَّ فيما قبض بقسطه، وبَطَل فيما لم يقبض) لتفريق الصفقة (وتقدَّم (¬٥)) ذلك (في الصَّرْف).
لكن لو تعاقدا على مائة درهم في كُرٍّ (¬٦) طعام مثلًا، وشرط أن يُعجِّل له منها خمسين، وخمسين إلى أَجَل، لم يصح العقد في الكل؛ ولو قلنا بتفريق الصفقة؛ لأن للمعجَّل فضلًا على المؤجَّل، فيقتضي أن
---------------
(¬١) الأم (٣/ ٩٥).
(¬٢) تقدم تخريجه (٨/ ٨٥) تعليق رقم (٥).
(¬٣) في "ذ": "وحذرًا".
(¬٤) (٨/ ٣٩).
(¬٥) (٨/ ٤١).
(¬٦) تقدم التعريف به (٧/ ٣٣٦).