كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ط وزارة العدل (اسم الجزء: 8)
ضربان:
أحدهما: (أن يشتركا) أي: اثنان فأكثر (فيما يتقبلان بأبدنهما في ذممهما من العمل، فهي شركة صحيحة) روى أبو طالب (¬١): لا بأس أن يشترك القوم بأبدانهم، وليس لهم مال، مثل الصيادين، والبقَّالين، والحمَّالين، وقد أشرك النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بين عَمَّار، وسعد، وابنِ مَسعودٍ، فجاءَ سعد بأسيرينِ، ولم يجِيئا بشيء. والحديث رواه أبو داود والأثرم (¬٢)، وكان ذلك في غزوة بدر، وكانت غنائمها لمن أخذها قبل أن يشرِّك الله تعالى بين الغانمين، ولهذا نقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن أخذَ شيئًا فهو لَهُ" (¬٣) فكان ذلك من قبيل المباحات.
ولا يشترط لصحتها اتفاق الصنعة، فتصح (ولو مع اختلاف الصنائع) كاشتراك حدَّاد، ونجَّار، وخيَّاط؛ لأنهم اشتركوا في مكسب
---------------
(¬١) انظر: مسائل ابن هانئ (٢/ ٢١) رقم ١٢٦٠ - ١٢٦٣، والإرشاد ص / ٢١٦.
(¬٢) أبو داود في البيوع، باب ٣٠، حديث ٣٣٨٨، ولعل الأثرم رواه في سننه ولم تطبع. وأخرجه -أيضًا- النسائي في الأيمان، باب ٤٧، حديث ٣٩٤٧، وفي البيوع، باب ١٠٥، حديث ٤٧١١، وفي الكبرى (٣/ ١١٠، ١١٨)، و (٤/ ٦١) حديث ٤٦٧١، ٦٢٩٦، وابن ماجة في التجارات، باب ٦٣، حديث ٢٢٨٨، وابن أبي شيبة (٤/ ٣٨٧)، والدارقطني (٣/ ٣٤)، والبيهقي (٦/ ٧٩)، وابن عساكر في تاريخه (٢٠/ ٣٢١)، وابن الجوزي في التحقيق (٢/ ٢٠٧) حديث ١٥٤١، من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وذكره ابن حزم في المحلى (٨/ ١٢٣) وقال: إن هذا خبر منقطع؛ لأن أبا عبيدة لا يذكر من أبيه شيئًا.
وقال المنذري في مختصر سنن أبي داود (٥/ ٥٣): وهو منقطع، فإن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه شيئًا. وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (٣/ ٣٩): وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه.
(¬٣) تقدم تخريجه (٧/ ١٥٧) تعليق رقم (٣).