كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ط وزارة العدل (اسم الجزء: 9)

المُخابرةِ" (¬١)؛ لأنه لا يجوز حَمْلُ حديث رافع على ما يُخالف الإجماع؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يُعامِل أهل خيبر حتى مات، ثم عَمِل به الخلفاء بعده، ثم من بعدهم، فكيف يتصور نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، بل هو محمولٌ على ما روى البخاري عنه قال: "كُنَّا نكْرِي الأرضَ بالنَّاحية مِنها تُسَمَّى لسيِّدِ الأرضِ، فرُبَّما يُصابُ ذلكَ وتَسْلَمُ الأرضُ، ورُبَّما تُصابُ الأرضُ ويَسْلَمُ ذلك، فنُهينا؛ فأمَّا الذَّهَبُ والوَرِقُ فلم يكن يومئذٍ" (¬٢). وروي تفسيره -أيضًا- بشيء غير هذا من أنواع الفساد، وهو مضطرب أيضًا (¬٣)، قال الإمام (¬٤): رافع يُروى عنه في هذا ضروب. كأنه يريد: أن اختلاف الروايات عنه يوهن حديثه (¬٥).
---------------
(¬١) لم نقف على من رواه بهذا السياق، وقد ورد معناه عن طُرق، منها:
ما رواه مسلم في البيوع، حديث ١٥٤٧ (١٠٦) عن عمرو، قال: سمعت ابن عمر - رضي الله عنهما - يقول: كُنَّا لا نرى بالخبر بأسًا، حتى كان عام أول، فزعم رافع أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه.
منها ما رواه البخاري في المزارعة، باب ١٨، حديث ٢٣٤٥، ومسلم في البيوع، حديث ١٥٤٧ (١٠٩) -والسياق له- عن نافع، أن ابن عمر - رضي الله عنهما - كان يكري مزارعه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي إمارة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وصدرًا من خلافة معاوية حتى بلغه في آخر خلافة معاوية، أن رافع بن خديج يحدث فيها بنهي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدخل عليه، وأنا معه، فسأله فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن كراء المزارع فتركها ابن عمر بعد، وكان إذا سئل عنها بعد قال: زعم رافع بن خديج أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها.
(¬٢) البخاري في المزارعة، باب ٧، حديث ٢٣٢٧، وأخرجه مسلم في البيوع، حديث ١٥٤٧ (١١٦، ١١٧) بنحوه.
(¬٣) "أيضًا" ساقطة من "ح"، وفي "ذ": "جدًّا" بدل "أيضًا".
(¬٤) مسائل أبي داود ص / ٢٠٠.
(¬٥) قال الإمام ابن القيم في تهذيب السنن (٥/ ٨٥ - ٥٩): وأما حديث رافع بن خديج فجوابه من وجوه: أحدها: أنه حديث في غاية الاضطراب والتلون، قال الإمام =

الصفحة 7