كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ط وزارة العدل (اسم الجزء: 13)
ما نزل، لم ينسخها شيء (¬١). وحجة الأكثر: {إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬٢) فهو تحت المشيئة، والآية الأولى محمولة على مَن قَتَله مستحلًّا ولم يتب، أو على أنَّ هذا جزاؤه إن جازاه، وله العفو إن شاء. لا يُقال: لفظ الآية لفظ الخبر، والأخبار لا يدخلها النسخ؛ لأنا نقول بدخولها (¬٣) التخصيص، والتأويل.
(ولا يسقط حقُّ الِمقتول في الآخرة بمجرَّد التوبة) كسائر حقوقة (قال الشيخ (¬٤): فعلى هذا: يأخذ المقتولُ من حسنات القاتل بقَدْر مظلَمتِهِ) بكسر اللام وفتحها.
(فإن اقتُصَّ) للمقتول (من القاتل، أو عُفِي عنه) أي: عفا وليُّه عن القِصاص (فهل يطالبه المقتولُ في الآخرة؟ على وجهين):
أحدهما: يطالبه، ويؤيده ما (قال القاضي عياض (¬٥) -في حديث صاحب النِّسْعَة، وهو حديث صحيح مشهور) فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما- تريد أن تبوء بإثمك وإثم صاحبك" (¬٦) -: (في هذا الحديث أن قتل القِصاص لا يُكفِّر ذنب القاتل بالكلية، وإن كفَّر ما بينه وبين الله تعالى، كما جاء في الحديث الآخر (¬٧)، فهو) أي: قتل القِصاص (كفَّارة له) أي:
---------------
(¬١) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس (٢/ ٢٢٧)، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص / ٢٨٩.
(¬٢) سورة النساء، الآية: ٤٨.
(¬٣) في "ذ": "يدخلها".
(¬٤) مجموع الفتاوى (١٦/ ٢٦، ٢٤/ ١٧٣).
(¬٥) إكمال المعلم (٥/ ٤٨٨).
(¬٦) أخرجه مسلم في الديات، حديث ١٦٨٠ (٣٢)، عن وائل بن حجر رضي الله عنه، ولفظه: "أما تريد أن يبوء بإثمك، وإثم صاحبك؟ ".
(¬٧) أخرج البخاري في الإيمان، باب ١١، حديث ١٨، وفي مواضع أخرى، ومسلم في =