كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ط وزارة العدل (اسم الجزء: 14)

(إذا زنى مُحصَن وجب رجمُه بالحجارة وغيرها حتى يموت) حكاه ابن حزم إجماعًا (¬١)، وقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - رجم بقوله وفعله في أخبار تشبه التواتر (¬٢)، وقد أنزله الله تعالى في كتابه، ثم نسخ رسمه وبقي حكمه؛ لقول عمر: كان فيما أنزل الله آية الرجم ... ، الخبر؛ متفق عليه (¬٣).
فإن قيل: لو كانت في المصحف لاجتمع العمل بحكمها وثواب تلاوتها؟! قال ابن الجوزي (¬٤): أجاب ابن عقيل فقال: إنما كان ذلك ليظهر به مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق الظن، من غير استقصاء لطلب طريق مقطوع به، كما سارع الخليل - صلى الله عليه وسلم - إلى ذبح ولده بمنام، وهو أدنى طُرُق الوحي وأقلها.
(ويتقي) الراجم (الوجه) لشرفه.
(ولا يُجلد) المرجوم (قبله) أي: قبل الرجم؛ رُوي عن عمر (¬٥)
---------------
(¬١) مراتب الإجماع ص / ٢١٤، والإحكام في أصول الأحكام (٦/ ١٦٨).
(¬٢) منها حديث عبادة السابق، ومنها حديث ابن أوفى عند البخاري في الحدود، باب ٢١، حديث ٦٨١٣، ومسلم في الحدود، حديث ١٧٠٢، وفيه أنه سئل ابن أبي أوفى: "هل رَجَمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم". ومنها حديث جابر عند البخاري في الحدود، باب ٢١، حديث ٦٨١٤، ومسلم في الحدود، باب ٥، حديث ١٦٩١، وفيه أن رجلًا من أسلم، أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحدثه أنه قد زنى فشهد على نفسه أربع شهادات، فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرُجم، وكان قد أحصن. وينظر ما يأتي (١٤/ ٤٠) تعليق رقم (٢ - ٣).
(¬٣) البخاري في الحدود، باب ٣١، حديث ٦٨٣٠، ومسلم في الحدود، حديث ١٦٩١، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(¬٤) كشف المشكل (١/ ٦٤ - ٦٥).
(¬٥) أخرج عبد الرزاق (٧/ ٣٢٨) رقم ١٣٣٥٧، وأحمد (في مسائل ابنه صالح ٣/ ١١٩) رقم ١٤٧٠، وابن حزم في مختصر الإيصال الملحق بالمحلى (١١/ ٢٣٣): "أن عمر رجم ولم يجلد".

الصفحة 39