كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ط وزارة العدل (اسم الجزء: 14)

وجهين، ويكون تركه موجبًا لترك الواجب بالشرع والواجب بالنذر. هذا هو التحقيق. وهو رواية عن أحمد (¬١)، وقاله طائفة من العلماء (فيُكفِّرُ إن لم يَصُمْه، كحَلْفِه عليه) أي: كحَلْفِه: ليصومنَّ رمضان، فيُكفِّر إن لم يصُمْه.
(وعند الأكثر: لا) ينعقد النذر في واجب؛ لأن النذر التزام، ولا يصح التزام ما هو لازم (كـ: لله عليّ صوم أمس، ونحوه من المحال) لأنه لا يُتصور. انعقاده ولا الوفاء به، أشبه اليمين على المستحيل. قال الموفق: والصحيح من المذهب أن النذر كاليمين، وموجبه موجبها، إلا في لزوم الوفاء به إذا كان قربة وأمكنه فِعْلُه، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - لأخت عُقبة، لمّا نذرت المشيَ ولم تُطِقْه، فقال: "لتكفِّر عن يمينها؛ ولُتَرْكب" (¬٢) وفي
---------------
(¬١) انظر الاختيارات الفقهية ص / ٤٧٥.
(¬٢) روي هذا الحديث عن ابن عباس، وعقبة بن عامر، وأنس -رضي الله عنهم- من وجوه مختلفة.
فأخرجه أبو داود في الأيمان والنذور، باب ٢٣، حديث ٣٢٩٥، وأحمد (١/ ٣١٠، ٣١٥)، وأبو يعلى (٤/ ٣٣١) حديث ٢٤٤٣، وابن خزيمة (٤/ ٣٤٨) حديث ٣٠٤٧، والطحاوي (٣/ ١٣٠)، وفي شرح مشكل الآثار (٥/ ٣٩٦) حديث ٢١٤٧، وابن حبان "الإحسان" (١٠/ ٢٢٩) حديث ٤٣٨٤، والحاكم (٤/ ٣٠٢)، من طريق شريك، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن أختي نذرت - يعني أن تحج ماشية، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئًا، فلتحج راكبة، ولتكفر عن يمينها" هذا لفظ أبي داود.
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وسكت عنه الذهبي. وقال البيهقي: تفرد به شريك. وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي (٥/ ١٣٨): سكت عنه أبو داود، والمنذري، ورجاله رجال الصحيح.
وأخرجه -أيضًا- أبو داود في الأيمان والنذور، باب ٢٣، حديث ٣٢٩٦، وأحمد.

الصفحة 476