كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ط وزارة العدل (اسم الجزء: 15)
(ولا يصحُّ استثناء ما زاد على النصف) لما تقدم (¬١) (ويصحُّ) الاستثناء (في النصف) لأنه ليس بالأكثر (و) يصح الاستثناء -أيضًا- فيـ (ـما دونه) أي: النصف، قال في "المبدع": لا نعلم فيه خلافًا؛ لأنه لغةُ العرب، قال تعالى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} (¬٢)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الشهيدُ تُكفَّر عنه خطاياه كلُّها إلا الدَّيْن" (¬٣)؛ ولأن الاستثناء يمنع أنْ يدخل المستثنى في الإقرار، إذْ لولاه لدخل، ولا يرفع ما ثبت؛ لأن الكلام كله كالشيء الوحد.
(فإذا قال: له عليَّ هؤلاء العبيدُ العشرة إلا واحدًا، لزمه تسليمُ تسعةٍ) لأنه استثنى الأقل، ويُرجع في تعيين المُستثى إليه؛ لأنه أعلم بمُرَاده، وكذا: غصبته هؤلاء العبيد العشرة إلا واحدًا (فإن ماتوا) أي: العبيد (أو قُتلوا، أو غُصِبُوا إلا واحدًا، فقال) المُقِر: (هو المُستنى؛ قُبِل قوله) لأنه يحتمل ما قاله، وكما لو تلفوا بعد تعيينه.
(و) إن قال: (له هذه الدار إلا هذا البيت، أو) قال: (هذه الدار له، وهذا البيت لي؛ قُبل منه) لأن الأول استثناء (¬٤) البيت من الدار، والثاني في معنى الاستثناء؛ لكونه أخرج بعض ما تناوله اللفظ بكلام متصل (ولو كان) البيت (أكثرها) أي: أكثر الدار. وإن قال: له الدار (إلا ثلثيها) ونحوه، مما الاستثناء فيه أكثر من النصف (لم يصحَّ) الاستثناء؛ لأنه أكثر
---------------
(¬١) (١٥/ ٣٩٣).
(¬٢) سورة العنكبوت، الآية: ١٤.
(¬٣) أخرجه مسلم فى الإمارة، حديث ١٨٨٦ (١٩٩)، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما بلفظ: "يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين". وأخرج مسلم -أيضًا- في الإمارة، حديث ١٨٨٥، عن أبي قتادة رضي الله عنه، نحوه.
(¬٤) في "ذ": "استثنى".