كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 2)

فَنحْن على هَذَا فِي الْبَيْت لَيْسَ بمبتدأ لكنه تَأْكِيد لما فِي خير من ضمير الْمُبْتَدَأ الْمَحْذُوف وَحسن هَذَا التَّأْكِيد لِأَنَّهُ حذف الْمُبْتَدَأ من اللَّفْظ وَلم يَقع الْفَصْل بِشَيْء أَجْنَبِي بل بِمَا هُوَ مِنْهُ
وَقد وَقع الْفَصْل بالفاعل بَين الصِّلَة وموصولها فِي نَحْو قَوْلهم: مَا من أَيَّام أحب إِلَى الله فِيهَا الصَّوْم مِنْهُ فِي عشر ذِي الْحجَّة وَكَانَ ذَلِك حسنا سائغاً. فَإِذا سَاغَ كَانَ)
التَّأْكِيد أسوغ لِأَنَّهُ قد يحسن حَيْثُ لَا يحسن غَيره من الْأَسْمَاء.
وَقَالَ فِي الْإِيضَاح الشعري فِي هَذَا الْوَجْه بعد أَن قَالَ: وَنحن الظَّاهِر تَأْكِيد للضمير الَّذِي فِي خير على الْمَعْنى: كَانَ يَنْبَغِي أَن يكون على لفظ الْغَيْبَة وَلَكِن جَاءَ بِهِ على الأَصْل نَحْو نَحن فعلنَا ويدلك على أَنه كَانَ يَنْبَغِي أَن يَجِيء على لفظ الْغَيْبَة: أَن أَبَا عُثْمَان قَالَ: فِي الْإِخْبَار عَن الضَّمِير الَّذِي فِي منطلق من قَوْله: أَنْت منطلق إِذا أخْبرت عَن الضَّمِير الَّذِي فِي منطلق من قَوْلك أَنْت منطلق لم يجز لِأَنَّك تجْعَل مَكَانَهُ ضميراً يرجع إِلَى الَّذِي وَلَا يرجع إِلَى الْمُخَاطب فَيصير الْمُخَاطب مُبْتَدأ لَيْسَ فِي خَبره مَا يرجع إِلَيْهِ.
فَهَذَا من قَوْله يدل على أَن الضَّمِير وَإِن كَانَ للمخاطب فِي أَنْت منطلق فَهُوَ على لفظ الْغَيْبَة وَلَوْلَا ذَلِك لم يصلح أَن يرجع إِلَى الَّذِي. على أَن هَذَا من كَلَامهم مثل أَنْتُم تذهبون وَاسم الْفَاعِل أشبه بالمضارع مِنْهُ بالماضي فَلذَلِك جعله مثله وَلم يَجعله مثل الْمَاضِي فِي أَنْتُم فَعلْتُمْ.
ثمَّ قَالَ فِي البغداديات: القَوْل الثَّانِي: أَن يَجْعَل خير صفة مُقَدّمَة يقدر ارْتِفَاع نَحن بِهِ كَمَا يُجِيز أَبُو الْحسن فِي: قَائِم الزيدان أَن ارْتِفَاع الزيدان بقائم. فَلَا يَقع على هَذَا أَيْضا فصلٌ بِشَيْء يكره وَلَا يجوز لِأَن نَحن على هَذَا مُرْتَفع بِخَبَر. إِلَّا أَن ذَا قَبِيح لِأَن خيرا وبابه لَا يعْمل عمل الْفِعْل إِذا جرى

الصفحة 10