كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 2)

وَاعْلَم أَن عمرتك الله فِي الْبَيْتَيْنِ بتَشْديد الْمِيم كَمَا يدل عَلَيْهِ كَلَام سِيبَوَيْهٍ الْمَنْقُول فِي كَلَام)
الشَّارِح وَهُوَ قَوْله: وَالْأَصْل عِنْد سِيبَوَيْهٍ: عمرتك الله تعميراً. وَمثله فِي الْعباب للصاغاني: وَقَوْلهمْ عمرتك الله أَي: سَأَلت الله تعميرك. وَأنْشد الْبَيْت الأول ثمَّ قَالَ: وَقَالَ جلّ ذكره: أَو لم نُعَمِّركُمْ مَا يتَذَكَّر فِيهِ من تذكر.
وَيجوز عِنْدِي أَن يكون قَوْلهم عمرك الله مصدرا لفعل ثلاثي وَهُوَ: فلَان يعمره من بَاب نصر أَي: يعبده بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْم وَنَحْوهمَا وَفُلَان عمار أَي: كثير الصَّلَاة وَالصَّوْم فَيكون مَنْصُوبًا على نزع الْبَاء القسمية ومضافاً إِلَى فَاعله أَي: بعبادتك الله. وَلم أر من شَرحه على هَذَا الْوَجْه. والْأَحْوَص من الحوص بمهملتين وَهُوَ ضيق فِي مُؤخر الْعين وَقيل: فِي أحد الْعَينَيْنِ. وَهُوَ الْأَحْوَص بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَاصِم بن ثَابت يُسمى حمي الدبر أَي: محميها كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بَعثه فِي بعث فَقتله الْمُشْركُونَ وَأَرَادُوا أَن يصلبوه ويمثلوا بِهِ فحمته الدبر وَهِي النَّحْل فَلم يقدروا عَلَيْهِ.
والأحوص مقدم عِنْد أهل الْحجاز وَأكْثر الروَاة لَولَا أَفعاله الدنيئة لِأَنَّهُ أسمحهم طبعا وأسلسهم كلَاما وأصحهم معنى ولشعره رونق وحلاوة وعذوبة أَلْفَاظ لَيست لأحد. وَهُوَ محسن فِي الْغَزل وَالْفَخْر والمدح. وَكَانَ يشبب بنساء أَشْرَاف الْمَدِينَة ويشيع ذَلِك فِي النَّاس فنهي فَلم ينْتَه.

الصفحة 16