كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 2)

الطَّوِيل
(بنفسي من لَا يسْتَقلّ بِنَفسِهِ ... وَمن هُوَ إِن لم يرحم الله ضائع)
وكتبت إِلَيْهِ تَقول:
(فقرطاسه قوهية ورباطه ... بعقدٍ من الْيَاقُوت صافٍ وجوهر)
(وَفِي صَدره: مني إِلَيْك تحيةٌ ... لقد طَال تهيامي بكم وتذكري)
(وعنوانه: من مستهامٍ فُؤَاده ... إِلَى هائمٍ صب من الْحزن مسعر)
رُوِيَ أَن الثريا وعدته لَيْلَة أَن تزوره فَجَاءَت فِي الْوَقْت الَّذِي وعدته فِيهِ فصادفت أَخَاهُ الْحَارِث بن ربيعَة قد طرقه وَأقَام عِنْده وَوجه بِهِ فِي حَاجَة ونام مَكَانَهُ وغطى وَجهه بِثَوْبِهِ فَلم يشْعر إِلَّا وَقد أَلْقَت نَفسهَا عَلَيْهِ تقبله فانتبه وَجعل يَقُول: اغربي عني فلست بالفاسق أخزاكما الله فَانْصَرَفت. وَرجع عمر فَأخْبرهُ الْحَارِث بذلك فاغتنم على مَا فَاتَهُ مِنْهَا وَقَالَ: وَالله لَا تمسك النَّار أبدا وَقد أَلْقَت نَفسهَا عَلَيْك فَقَالَ: عَلَيْك وَعَلَيْهَا لعنة الله.
وَحكم لَهُ بَين الثريا وَسُهيْل تورية لَطِيفَة فَإِن الثريا يحْتَمل الْمَرْأَة الْمَذْكُورَة وَهُوَ الْمَعْنى الْبعيد المورى عَنهُ وَهُوَ المُرَاد وَيحْتَمل ثريا السَّمَاء وَهُوَ الْمَعْنى الْقَرِيب المورى بِهِ. وَسُهيْل يحْتَمل الرجل الْمَذْكُور وَهُوَ الْمَعْنى الْبعيد المورى عَنهُ وَهُوَ المُرَاد وَيحْتَمل النَّجْم الْمَعْرُوف بسهيل. فَتمكن للشاعر أَن ورى بالنجمين عَن الشخصين ليبلغ من الْإِنْكَار على من جمع بَينهمَا مَا أَرَادَ. وَهَذِه أحسن تورية وَقعت فِي شعر الْمُتَقَدِّمين.

الصفحة 31