كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 2)

باقتضاء الْمقَام.
وَالْجُمْلَة الاسمية إِذا كَانَ خَبَرهَا اسْما فقد يقْصد بهَا الدَّوَام والاستمرار الثبوتي بمعونة الْقَرَائِن وَإِذا كَانَ خَبَرهَا مضارعاً فقد يُفِيد استمراراً تجددياً وَهَذِه الإفادة أَيْضا بمعونة الْقَرَائِن كَمَا فِي: الله يستهزئ بهم لَكِن هَذَا الِاسْتِمْرَار التجددي مُسْتَفَاد من الْمُضَارع فِي الْحَقِيقَة وَفَائِدَة الْجُمْلَة الإسمية هَا هُنَا تقَوِّي الحكم فَلَيْسَ كل جملَة إسمية مفيدة للدوام فَإِن قَوْلك: زيد قَامَ يُفِيد تجدّد الْقيام.
فَقَوْل الشَّارِح هُنَا إِنَّمَا وَجب حذف الْفِعْل لِأَن الْمَقْصُود من مثل هَذَا الْحصْر أَو التكرير وصف الشَّيْء بدوام حُصُول الْفِعْل مِنْهُ ولزومه لَهُ وَوضع الْفِعْل على الْحُدُوث والتجدد مشكلٌ لِأَنَّهُ هُنَا جملَة إسمية خَبَرهَا فعل مضارع أَو اسْم فَاعل دلّ على الْحُدُوث لعمله فَهِيَ للاستمرار التجددي لَا الدوامي وحينئذٍ لَا فرق بَين ذكر الْعَامِل وحذفه لِأَن التَّقْدِير: مَا زيد إِلَّا يسير سيراً وَزيد يسير سيراً فَكيف جعل الْغَرَض من هَذَا الْحصْر أَو التكرير وصف الشَّيْء بدوام حُصُول الْفِعْل مِنْهُ ولزومه لَهُ مَعَ أَن الْجُمْلَة اسمية خَبَرهَا مضارع فَإِن أُجِيب: بِأَن الْجُمْلَة إِنَّمَا أفادت مَعَ الْحصْر أَو التكرير الدَّوَام الثبوتي للُزُوم حذف الْعَامِل ورد عَلَيْهِ الْجُمْلَة الاسمية الَّتِي خَبَرهَا ظرفية إِذا قدر الْمُتَعَلّق فِيهَا فعلا فَإِنَّهَا لَا تفِيد الدَّوَام الثبوتي مَعَ لُزُوم حذف الْعَامِل.
فَإِن أُجِيب: بِأَن الدَّال على الدَّوَام الثبوتي إِنَّمَا هُوَ الْحصْر أَو التكرير لَا الْجُمْلَة الإسمية الَّتِي قدر خَبَرهَا فعلا كَمَا يدل عَلَيْهِ قَوْله بعد ذَلِك لم يكن

الصفحة 36