كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 2)

فِيهِ معنى الْحصْر الْمُفِيد للدوام ورد عَلَيْهِ أَن كَلَامهم مُطلق لم يُقيد بِهَذَا الْقَيْد.
وَقَول الشَّارِح: وَإِن كَانَ يسْتَعْمل الْمُضَارع فِي بعض الْمَوَاضِع للدوام لَا يَخْلُو عَن بحث فَإِن ظَاهره)
أَن الدَّوَام الَّذِي يفِيدهُ الْمُضَارع ثبوتي لَا تجددي إِلَّا أَن يُقَال: مُرَاده مُطلق الدَّوَام وَإِن كَانَ مُخْتَلفا وَهَذَا لَا يُنَاسب أول كَلَامه. وَقَوله: وَذَلِكَ لمشابهته لاسم الْفَاعِل إِن حمل اسْم الْفَاعِل على الْعَامِل فدوامه تجددي لَا ثبوتي وَإِن حمل على غير الْعَامِل فَهُوَ يُفِيد الِاسْتِمْرَار الدوامي لَا التجددي بِالْقَرِينَةِ وَالْحمل عَلَيْهِ لَا يُنَاسب لِأَن الْمُضَارع لَا يُفِيد ذَلِك بل يُفِيد الِاسْتِمْرَار التجددي.
وَقَوله: فَلَمَّا كَانَ المُرَاد التَّنْصِيص على الدَّوَام واللزوم لم يسْتَعْمل الْعَامِل أصلا يُرِيد أَنه قد علم أَن الدَّال للدوام عِنْده هُوَ الْحصْر أَو التكرير فالتزم حذف مَا دلَالَته تنَافِي ذَلِك وَهُوَ الْعَامِل لِأَنَّهُ: إِمَّا فعل وَهُوَ مَوْضُوع للتجدد واستعماله فِي الدَّوَام إِذا كَانَ مضارعاً لَيْسَ وضيعاً بل بالقرائن فَنَظَرْنَا إِلَى أصل الْوَضع والتزمنا حذفه وَفِيه أَن الْمَحْذُوف كَالثَّابِتِ كَمَا يدل عَلَيْهِ كَلَامهم فِي مُتَعَلق الظّرْف الْوَاقِع خَبرا إِذا قدر بِالْفِعْلِ.
وَقَوله: أَو اسْم فَاعل وَهُوَ مَعَ الْعَمَل كالفعل أَي: للتجدد فَلَا يُفِيد الِاسْتِمْرَار وضعا وَإِن اسْتعْمل فِيهِ بمعونة الْقَرَائِن وَفِيه أَيْضا أَن الْمَحْذُوف كَالثَّابِتِ
وَعَمله إِنَّمَا يُنَافِي حمله على الِاسْتِمْرَار الثبوتي إِذا كَانَ عَاملا فِي الْمَفْعُول بِهِ أما عمله فِي الظّرْف أَو فِي الْمَفْعُول الْمُطلق كَمَا هُنَا فَلَا يُنَافِي إفادته للدوام الثبوتي وَأما إِذا عمل فِي الْمَفْعُول بِهِ فَإِنَّهُ يُفِيد الِاسْتِمْرَار التجددي.
وَبَيت الشَّاهِد من أَبْيَات سَبْعَة أَولهَا:
(ياجند أَخْبرنِي وَلست بمخبري ... وأخوك ناصحك الَّذِي لَا يكذب)
...

الصفحة 37