كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 3)

وَأنْشد بعده وَهُوَ
الشَّاهِد السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة وَهُوَ من شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ:
(ألْقى الصَّحِيفَة كي يُخَفف رَحْله ... والزاد حَتَّى نَعله أَلْقَاهَا)
على أَن حَتَّى وَإِن كَانَت يسْتَأْنف بعْدهَا الْكَلَام إِلَّا أَنَّهَا لَيست متمحضة للاستئناف فَلم يكن الرّفْع بعْدهَا أولى فَهِيَ كَسَائِر حُرُوف الْعَطف. يَعْنِي أَنه يجوز فِي نَعله النصب وَالرَّفْع.
أما النصب فَمن وَجْهَيْن: أَحدهمَا نَصبه بإضمار فعل يُفَسر أَلْقَاهَا كَأَنَّهُ قَالَ: حَتَّى ألْقى نَعله أَلْقَاهَا كَمَا يُقَال فِي الْوَاو وَغَيرهَا من حُرُوف الْعَطف.
ثَانِيهمَا: أَن يكون نَصبه بالْعَطْف على الصَّحِيفَة وَحَتَّى بِمَعْنى الْوَاو كَأَنَّهُ قَالَ: ألْقى الصَّحِيفَة حَتَّى نَعله يُرِيد وَنَعله كَمَا تَقول: أكلت السَّمَكَة حَتَّى رَأسهَا بِنصب رَأسهَا أَي: ورأسها فعلى هَذَا الْهَاء عَائِدَة على النَّعْل أَو الصَّحِيفَة وَأَلْقَاهَا تَكْرِير وتوكيد.
فَإِن قلت: شَرط الْمَعْطُوف بحتى أَن يكون إِمَّا بَعْضًا من جمع كقدم الْحجَّاج حَتَّى المشاة. أَو جُزْءا من كل نَحْو: أكلت السَّمَكَة حَتَّى رَأسهَا أَو كجزء نَحْو: أعجبتني الْجَارِيَة حَتَّى حَدِيثهَا فَكيف جَازَ عطف نَعله مَعَ أَنه لَيْسَ وَاحِدًا مِمَّا ذكر قلت: جَازَ لِأَن ألْقى الصَّحِيفَة والزاد فِي معنى ألْقى مَا يثقله فالنعل بعض مَا يثقل.

الصفحة 21