كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 3)

وَإِلَّا الفرقدان خَبرا حَتَّى يتَخَلَّص من هَذِه الفسادات كَمَا قيل لفساد الْمَعْنى. وَوَجهه أَن المُرَاد الحكم من على كل أَخ بِأَنَّهُ مفارق أَخَاهُ فِي الدُّنْيَا سوى الفرقدين فَإِنَّهُمَا لَا يفترقان إِلَّا عِنْد فنَاء الدُّنْيَا وَلَيْسَ الْمَعْنى على مَا ذكره فَإِنَّهُ يَقْتَضِي مَفْهُومه: أَن كل أَخ لَا يُفَارق أَخَاهُ مثل الفرقدين فِي اجْتِمَاع الشمل. وَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا أَخَوان لَا يفترقان. فَتَأمل.
وَفِي الْبَيْت تخاريج أخر: إِحْدَاهمَا للكوفيين نَقله عَنْهُم ابْن الْأَنْبَارِي فِي مسَائِل الْخلاف: أَن إِلَّا هُنَا بِمَعْنى الْوَاو وَهِي تَأتي بِمَعْنَاهُ كثيرا كَقَوْلِه تَعَالَى: لِئَلَّا يكون للنَّاس عَلَيْكُم حجَّة إِلَّا الَّذين ظلمُوا أَي: وَلَا الَّذين ظلمُوا لَا تكون لَهُم
أَيْضا حجَّة وَقَوله تَعَالَى: لَا يحب الله الْجَهْر بالسوء من القَوْل إِلَّا من ظلم أَي: وَمن ظلم لَا يحب أَيْضا الْجَهْر بالسوء مِنْهُ وَكَذَا قَالَ السَّيِّد المرتضى فِي أَمَالِيهِ فِي أحد أوجه إِلَّا فِي قَوْله تَعَالَى: خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبك إِن إِلَّا بِمَعْنى الْوَاو وَأورد هَذَا الْبَيْت وَغَيره شَاهدا لمجيء إِلَّا بِمَعْنى الْوَاو وَأجَاب البصريون أَن إِلَّا فِي الْبَيْت بِمَعْنى غير وَفِي الْآيَات للاستثناء الْمُنْقَطع.
ثَانِيهَا مَا ذهب إِلَيْهِ الْكسَائي. أَن أَصله إِلَّا أَن يكون الفرقدان وَقد رد سِيبَوَيْهٍ هَذَا القَوْل كَمَا بَينه الشَّرْح الْمُحَقق.
قَالَ أَبُو عَليّ فِي الْإِيضَاح الشعري: أنْشد سِيبَوَيْهٍ هَذَا الْبَيْت

الصفحة 423