كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 3)

كفى بالنأي من أَسمَاء كَاف مثل الْجَرّ وَالرَّفْع. وَكَذَلِكَ جعل النصب مثلهمَا فِي نَحْو قَوْله:
وآخذ من كل حَيّ عصم أَي: عصماً. وَهَذِه اللُّغَة وَإِن لم يحكها سِيبَوَيْهٍ فقد حَكَاهَا أَبُو الْحسن وَغَيره. ووجهها من الْقيَاس مَا أعلمتك. فَإِذا جَازَ أَن يقدر على هَذِه اللُّغَة قدرناه عَلَيْهَا وَكَانَت الْألف فِي الْكَلِمَة الَّتِي هِيَ بدل من عين الْفِعْل وَجَاز ذَلِك لِأَنَّهُ لَيْسَ يبْقى الِاسْم المتمكن على حرف. أَلا ترى أَن الْألف منقلبة عَن الْعين فَصَارَ فِي ذَلِك كالأسماء الَّتِي لما أَمن إِلْحَاق التَّنْوِين بهَا جَازَ أَن تبقى على حرفين أَحدهمَا حرف لين: كَقَوْلِه: ذُو الَّتِي فِي معنى الَّذِي وَذَا وتا وَنَحْو ذَلِك مِمَّا جَاءَ على حرفين أَحدهمَا حرف لين لما لم يكن مِمَّا يلْحقهُ التَّنْوِين.
فَكَذَلِك خياشيم وفا لَا يمْتَنع أَن يكون على حرفين أَحدهمَا حرف لين على الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ. انْتهى.
وَبسط هَذَا الْكَلَام فِي التَّذْكِرَة القصريّة وَأطَال وأطاب فِي الْمسَائِل العسكرية.
وَهَذَا الْبَيْت من أرجوزة للعجّاج مطْلعهَا:)
(يَا صَاح مَا هاج الْعُيُون الذرفا ... من طلل أَمْسَى يحاكي المصحفا)
(رسومه وَالْمذهب المزخرفا ... جرّت عَلَيْهِ الرّيح حَتَّى قد عَفا)
وَالْبَيْت الأول من شَوَاهِد شُرُوح الألفية فِي التَّنْوِين إِلَى أَن قَالَ: ...

الصفحة 443