كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 3)

وَاحِدَة.
وَأما النصب فَلِأَنَّهُ مُحْتَمل لِأَن يكون على الْمَفْعُول الْمُطلق وَحِينَئِذٍ يَقْتَضِي وُقُوع الثَّلَاث إِذْ الْمَعْنى: فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا ثمَّ اعْترض بَينهمَا بقوله وَالطَّلَاق عَزِيمَة وَلِأَن يكون حَالا من الضَّمِير الْمُسْتَتر فِي عَزِيمَة وَحِينَئِذٍ لَا يلْزم وُقُوع الثَّلَاث لِأَن الْمَعْنى: وَالطَّلَاق عَزِيمَة إِذا كَانَ ثَلَاثًا فَإِنَّمَا يَقع مَا نَوَاه. هَذَا مَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظ مَعَ قطع النّظر عَمَّا بعده فَإِنَّهُ يعين الثَّلَاث. انْتهى كَلَامه.
وَقَالَ الفناري فِي حَاشِيَة المطول: قد انتصر جدنا شمس الدَّين الفناري للكسائي وَأبي يُوسُف حَيْثُ قَالَ: وَلقَائِل أَن يَقُول: إِنَّمَا لم يعْتَبر الْكسَائي وَأَبُو يُوسُف حِين ارْتِفَاع الثَّلَاث كَون اللَّام)
للْعهد لِأَن ثَلَاث وعزيمة لَا يَصح أَن يَكُونَا خبرين عَن الطَّلَاق الْمَعْهُود فَإِن الطَّلَاق رخصَة وَلَيْسَ بعزيمة. وَكَذَا حِين انتصاب الثَّلَاث لايصح أَن يكون ثَلَاثًا حَالا من ضمير عَزِيمَة لما قُلْنَا. فَلم يتَعَيَّن أَيْضا قَالَ اللَّهُمَّ إِلَّا أَن تحمل الْعَزِيمَة على الْمَعْنى اللّغَوِيّ. وَالْعرْف أملك. وَفِيه بحث: أما أَولا فَلِأَنَّهُ لَا دخل فِي لُزُوم الْمَحْذُور الْمَذْكُور لجعل اللَّام للْعهد إِذْ منشؤه عدم اجْتِمَاع الثَّلَاث والعزيمة وَهَذَا الِاجْتِمَاع لَازم على تَقْدِير الْحمل على مجَاز الْجِنْس اللَّهُمَّ إِلَّا أَنِّي يُرَاد الْحمل على الْجِنْس الْمُطلق وَيجْعَل الْإِخْبَار بالعزيمة وَالثَّلَاث بِالنّظرِ إِلَى أَنْوَاع الطَّلَاق.
وَأما ثَانِيًا: فالأملك فِي مثله هُوَ الْعرف الْعَام فَالظَّاهِر أَن الْمَعْنى: الطَّلَاق الَّذِي ذكرت لَيْسَ بلغو وَلَا لعب بل هُوَ معزوم عَلَيْهِ. نعم الْكَلَام على تَقْدِير جعل ثَلَاثًا حَالا من الْمُسْتَتر فِي عَزِيمَة مُحْتَمل لوُقُوع الثَّلَاث بِأَن يكون الْمَعْنى وَالطَّلَاق الَّذِي ذكرته إِذْ كَانَ ثَلَاثًا. فَتَأمل. انْتهى.

الصفحة 464