كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 4)

إليّ أكرمتك ثمَّ تَقول: إِن جئتني ولإحسانك إليّ أكرمتك وَتجْعَل الْجَواب لَهما هـ.
وَمَا أظنّ أنّ الْعَرَب فاهت بذلك يَوْمًا. انْتهى كَلَام ابْن هِشَام.
وَكَلَام ابْن الْحَاجِب الَّذِي نَقله هُوَ فِي الْإِيضَاح شرح الْمفصل وَقد اختصر كَلَامه وَهَذِه عِبَارَته: وَقد رُوِيَ قَوْله: إمّا أَقمت وَأما أَنْت مرتحلا ... ... ... ... الْبَيْت بِكَسْر الأول وَفتح الثَّانِي: أمّا كسر الأوّل فلأنّه شَرط فَوَجَبَ كَسره وَدخُول مَا عَلَيْهِ كدخولها فِي قَوْلك: أمّا أَنْت مُنْطَلقًا. وَقد تقدّم ذكره.
وَقَوله: فَالله يكلأ مَا تَأتي الخ فجواب الشَّرْط معلّل بقوله: أمّا أَنْت مرتحلا. وصحّ أَن يكون لَهما جَمِيعًا من حَيْثُ كَانَ الشَّرْط والعلّة فِي معنى وَاحِد أَلا ترى أَن قَوْلك إِن أتيتني أكرمتك.
بِمَعْنى قَوْلك: أكرمتك لأجل إتيانك فَإِذا ثَبت أنّ الشَّرْط والتّعليل بِمَعْنى واحدٍ صحّ أَن تعطف أَحدهمَا على الآخر وَتجْعَل الْجَواب لَهما جَمِيعًا فِي الْمَعْنى فَصَارَ مثل قَوْلك: إِن أكرمتني وأحسنت إليّ أكرمتك وإلاّ أنّه وضع مَوضِع أَحْسَنت إليّ لفظ التَّعْلِيل فَصَارَ كَأَنَّك قلت: إِن أكرمتني فلأجل إتيانك فَأَنا أكرمك. وَذَلِكَ سَائِغ. هَذَا كَلَامه.
وَقد ناقش الدّمامينيّ كَلَام ابْن هِشَام فِي الأدلّة الثَّلَاثَة بالتعسّف كَمَا لَا يخفى على من تامله. والكلاءة بِالْفَتْح والمدّ: الْحِفْظ ومَا مَوْصُولَة والعائد مَحْذُوف أَي: مَا تَأتيه وَمَا تذره. وتذر بِمَعْنى تتْرك وَقد أماتوا ماضيه ومصدره وَاسم فَاعله وَاسم مَفْعُوله كيدع.
وَهَذَا الْبَيْت مَعَ استفاضته فِي كتب النَّحْو لم أظفر بقائله وَلَا بتتمته وَالله أعلم بِهِ.

الصفحة 21