كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 5)
وَلَكِن أجعله صفة للثغرة فَلَا يلْزم حِينَئِذٍ إِذا جعلته حَالا أَن أكون قد فصلت بَين الصِّلَة والموصول.
فَالْجَوَاب أَن وصف الثغرة باليقظان لَيْسَ بالسهل لِأَن الْيَقظَان من صفة الرجل دون الثغرة وَهُوَ مَعَ ذَلِك مُذَكّر والثغرة مؤنث.
فَإِن قلت: فَهَل يجوز أَن أحمل على الاتساع فَأَقُول: ثغرة يقظان وَأَنا أُرِيد يتيقظ فِيهَا لشدَّة خوف السالك لَهَا كَمَا أَقُول: ليل نَائِم أُرِيد أَنه ينَام فِيهِ وأحمل التَّذْكِير على الْمَعْنى لِأَن الثغرة والثغر والموضع وَاحِد فِي الْمَعْنى فَالْجَوَاب: أَنَّك إِن حَملته على هَذَا لم يمْتَنع أَن يكون كالئها حَالا من اللَّام الَّتِي فِي السالك المنتصب.
وَإِن جعلت الْيَقظَان على هَذَا الَّذِي ذكرته من الاتساع جَازَ أَيْضا فِي الكالئ أَن تَجْعَلهُ حَالا مِمَّا أَلا ترى أَنَّك إِذا جعلت الْيَقظَان وَصفا للثغرة وَلم تَجْعَلهُ صفة للام لم تتمّ الصِّلَة وَإِذا لم تتمّ وَلم يكن فِي الْكَلَام شَيْء يُؤذن بِتَمَامِهَا من صفة لَهَا أَو عطف عَلَيْهَا أَو تَأْكِيد يتبعهَا لم يمْتَنع أَن تجْعَل كالئها حَالا من الضَّمِير كَمَا وَصفنَا. فَإِن رفعت كالئها وَرفعت السالك جَازَ أَن يكون السالك ابْتِدَاء مثل الضَّارِب هنداً حافظها.
فَإِن نصبت السالك وَرفعت كالئها كَانَ ارْتِفَاع كالئها باليقظان كَأَنَّهُ قَالَ: السالك الثغرة المتيقظ كالئها كَأَنَّهُ ثغر مخوف يحْتَاج حافظه أَن يكون متيقظاً حذرا لَا يغْفل وَلَا يدع التَّحَرُّز من شدَّة الْخَوْف فِيهَا.
وَيجوز أَن ترفع الْيَقظَان وتنصب السالك وكالئها فَيكون الْيَقظَان بَدَلا من الذّكر الْعَائِد إِلَى)
الْألف وَاللَّام فِي السالك فَيكون كالئها حَالا من السالك. انْتهى كَلَام أبي عَليّ.
وَبعد خَمْسَة أَبْيَات قَالَ:
(فَاذْهَبْ فأيّ فَتى فِي النّاس أحرزه ... من حتفه ظلمٌ دعجٌ وَلَا جبل)
الصفحة 13
516