كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 5)

تجاوزته فِي همّة مشمعلّة أَي: سريعة. والصدى من طيور اللَّيْل وَهُوَ ذكر البوم وَإِنَّمَا استجار بناقته لتفاقم هول اللَّيْل فَأَرَادَ أَن يصحبها ليأمن. وَالْأَصْل يستجير بهَا فَحذف وَوصل.
قَالَ الشريف صَاحب الحماسة: من أحسن مَا وصف بِهِ سَواد اللَّيْل هَذِه الأبيات.
وَقبلهَا بيتان فِي وصف الْيَوْم وهما:)
(ويومٍ من الشعري كأنّ ظباءه ... كواعب مقصورٌ عَلَيْهَا ستورها)
(نصبت لَهُ وَجْهي وكلّفت حميه ... أفانين حرجوجٍ بطيءٍ فتورها)
أَي: رب يَوْم من أَيَّام طُلُوع الشعري وَهُوَ الْكَوْكَب الَّذِي يطلع بعد الجوزاء وطلوعه فِي شدَّة الْحر. والكواعب: جمع كاعب وَهِي الْجَارِيَة الَّتِي يَبْدُو ثديها للنهود. وَقصرت السّتْر: أرخيته.
شبه الظباء الكانسة من شدَّة الْحر بعذارى أرخي عَلَيْهِنَّ السّتْر لِئَلَّا يراهن أحد.
ونصبت لَهُ أَي: لذَلِك الْيَوْم. وَنصب الشَّيْء: أَقَامَهُ وَهُوَ جَوَاب رب. وكلف يتَعَدَّى لمفعولين أَولهمَا حميه أَي: حمي ذَلِك الْيَوْم وَهُوَ مصدر حميت الشَّمْس وَالنَّار مثلا إِذا اشْتَدَّ حرهما.
وَثَانِيهمَا أفانين وَهُوَ جمع أفنون بِالضَّمِّ وَهُوَ الجري الْمُخْتَلط من جري الْفرس والناقة. كَذَا فِي الْقَامُوس.
والحرجوج بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وجيمين أَولهمَا مَضْمُومَة وَهِي النَّاقة السمينة وَقيل الشَّدِيدَة وَقيل الضامرة الوقادة الْقلب. وبطيء بِالْجَرِّ صفة سَبَبِيَّة لحرجوج وفتورها فَاعل بطيء وَالضَّمِير لحرجوج. والفتور: مصدر فتر من بَاب دخل إِذا ضعف وتعب.

الصفحة 21