كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 5)

وَأنْشد بعده: جاؤوا بمذقٍ هَل رَأَيْت الذّئب قطّ وَهَذَا أَيْضا تقدم شَرحه مفصلا فِي الشَّاهِد السَّادِس وَالتسْعين.
وَأنْشد بعده وَهُوَ من شَوَاهِد س: الْكَامِل
(ونظرن من خلل السّتور بأعينٍ ... مرضى مخالطها السّقام صِحَاح)
على أَن مخالطها بِالْجَرِّ صفة لأعين. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: سمعنَا الْعَرَب تنشد هَذَا الْبَيْت جراً. وَمرَاده الرَّد على يُونُس فِي زَعمه أَن الْوَصْف إِذا كَانَ للاستقبال يجب رَفعه على الِابْتِدَاء وَلَا يجوز إتباعه لما قبله فَلَو كَانَ كَمَا زعم لرفع الْوَصْف فَدلَّ رِوَايَة الْجَرّ على جَوَاز مَا زَعمه.)
وَنَصّ سِيبَوَيْهٍ: وَبَعْضهمْ يَجعله نصبا إِذا كَانَ وَاقعا ويجعله على كل حَال رفعا إِذا كَانَ غير وَاقع. هَذَا قَول يُونُس.
وَكَلَام سِيبَوَيْهٍ هُنَا فِيهِ غموض وَقد لخصه الشَّارِح الْمُحَقق وَبَين الْمذَاهب الثَّلَاثَة بألطف عبارَة وَأظْهر بَيَان فَللَّه دره مَا أحسن استنباطه وأجود تَقْرِيره.
وَهَذَا الْبَيْت من قصيدة لِابْنِ ميادة وَقَبله:
(وارتشن حِين أردن أَن يرميننا ... نبْلًا بِلَا ريشٍ وَلَا بقداح)
وَقَوله: وارتشن أَي: اتخذن ريشاً لسهامهن. وَهَذَا على طَرِيق الْمثل جعل أعينهن إِذا نظرن بِمَنْزِلَة السِّهَام الَّتِي يرْمى بهَا. ونبلاً إِمَّا مَنْصُوب بارتشن بِمَعْنى

الصفحة 24