كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 6)

قَالَ: أَلا ترى أَن من قَالَ نفع الموعظة لَا يَقُول مُشِيرا إِلَيْهَا: هَذَا الموعظة. وَلِهَذَا قَالَ الْخَلِيل فِي: قَالَ هَذَا رحمةٌ من رب: إِنَّه إِشَارَة إِلَى الْقطر لَا إِلَى الرَّحْمَة.
اه. وَالْبَيْت مشهورٌ. وَهُوَ من أَبْيَات خَمْسَة أوردهَا أَبُو تَمام فِي الحماسة لسنان ابْن الْفَحْل الطَّائِي وَهِي:
(وَقَالُوا قد جننت فَقلت كلا ... وربي مَا جننت وَلَا انتشيت)
(وَلَكِنِّي ظلمت فكدت أبْكِي ... من الظُّلم الْمُبين أَو بَكَيْت)
(فَإِن المَاء مَاء أبي وجدي ... وبئري ذُو حفرت وَذُو طويت)
(وقبلك رب خصمٍ قد تمالوا ... عَليّ فَمَا هلعت وَلَا دَعَوْت)
قَالَ أَمِين الدَّين الطبرسي فِي شرح الحماسة: قد عيب على أبي تَمام إِيرَاده مثل هَذِه الأبيات فِي بَاب الحماسة والبكاء على الظُّلم ضعفٌ وَعجز وَالْوَجْه فِيهِ أَن بكاءه كَانَ لمطالبتهم مَا لَيْسَ لَهُم وَلَا سَبِيل لَهُ على الإعتساف. والمغالبة فعل أهل الْجَاهِلِيَّة إِذْ لَا يراقب دين وَلَا يرهب سُلْطَان وَيدل على ذَلِك مَا ذكره ابْن دريدٍ فِي سَببه: أَنه اخْتصم حَيَّان من

الصفحة 35