كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 6)

على طَرِيق الاستنكاف وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَإِنَّهُ لم يكن عَن تخشع وتذلل وَلَا انقيادٍ وَلَا استسلام. وَسلم الْكَلَام من التَّنَاقُض. وَقَالَ ابْن هِشَام فِي شرح الشواهد: وَهَذَا لَيْسَ تناقضاً لِأَنَّهُ على اخْتِلَاف وَقْتَيْنِ أَي: إِنَّه ذل جَانِبه بعد أَن كَانَ عَزِيزًا.
وَهَذَا كَلَام الْخَطِيب التبريزي. وَنَظِيره أَبْيَات فَاطِمَة بنت الأجحم حِين ضعف جَانبهَا لمَوْت من كَانَ ينصرها وَهِي أبياتٌ حَسَنَة تمثلت بهَا سيدتنا فَاطِمَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها حِين قبض رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَهِي:
(قد كنت لي جبلا ألوذ بظله ... فتركتني أَمْشِي بأجرد ضاحي)
(قد كنت ذَات حميةٍ مَا عِشْت لي ... أَمْشِي البرَاز وَكنت أَنْت جناحي)
(فاليوم أخضع للذليل وأتقي ... مِنْهُ وأدفع ظالمي بالراحي)
(وَإِذا دعت قمريةٌ شجناً لَهَا ... لَيْلًا على فننٍ دَعَوْت صباحي)
وَقَوله: وَلَكِنِّي نصبت لَهُم إِلَخ الألة بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد اللَّام:

الصفحة 39