كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 6)

اشْتهيت النِّسَاء فَقَالَ لَهُ أَبُو مَرْيَم: هَل لَك فِي سميَّة فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: هَاتِهَا على
طول ثدييها ودفر إبطيها فَأَتَاهُ بهَا فَوَقع عَلَيْهَا فَيُقَال إِنَّهَا علقت مِنْهُ بِزِيَاد فَوَضَعته فِي سنة الْهِجْرَة.
وَنَشَأ زيادٌ فصيحاً ثمَّ لما كَانَ قَضِيَّة شَهَادَة الشُّهُود على الْمُغيرَة بالزنى وجلدهم وَمِنْهُم أَبُو بكرَة أَخُو زِيَاد لأمه وَامْتِنَاع زِيَاد عَن التَّصْرِيح كَمَا ذكرنَا اتخذ الْمُغيرَة بذلك لزياداً يدا. ثمَّ لما ولي عَليّ بن أبي طَالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه الْخلَافَة اسْتعْمل زياداً على فَارس فَقَامَ بولايتها أحسن قيام. وَلما سلم الْحسن الْأَمر إِلَى مُعَاوِيَة امْتنع زيادٌ بِفَارِس وَلم يدْخل فِي طَاعَة مُعَاوِيَة وأهم مُعَاوِيَة أمره وَخَافَ أَن يَدْعُو إِلَى أحدٍ من بني هَاشم وَيُعِيد الْحَرْب وَكَانَ مُعَاوِيَة قد ولى الْمُغيرَة بن شُعْبَة الْكُوفَة فَقدم الْمُغيرَة على مُعَاوِيَة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين فَشَكا إِلَيْهِ مُعَاوِيَة امْتنَاع زِيَاد بِفَارِس. فَقَالَ الْمُغيرَة: أتأذن لي فِي الْمسير إِلَيْهِ فَأذن لَهُ وَكتب مُعَاوِيَة لزيادٍ أَمَانًا فَتوجه الْمُغيرَة إِلَيْهِ لما بَينهمَا من الْمَوَدَّة وَمَا زَالَ عَلَيْهِ حَتَّى أحضرهُ إِلَى مُعَاوِيَة وَبَايَعَهُ وَكَانَ الْمُغيرَة يكرم زياداً ويعظمه من حِين كَانَ مِنْهُ فِي شَهَادَة الزِّنَى مَا كَانَ. فَلَمَّا كَانَت هَذِه السّنة سنة أَربع وَأَرْبَعين استلحق مُعَاوِيَة زياداً وأحضر النَّاس وَحضر من يشْهد لزيادٍ بِالنّسَبِ وَكَانَ مِمَّن حضر ذَلِك الْيَوْم أَبُو مَرْيَم الْخمار الَّذِي أحضر سميَّة إِلَى أبي سُفْيَان بِالطَّائِف فَشهد بِنسَب زيادٍ من أبي سُفْيَان وَقَالَ: إِنِّي رَأَيْت إسكتي سميَّة يقطران من مني أبي سُفْيَان. فَقَالَ زِيَاد: رويدك طلبت شَاهدا وَلم تطلب شتاماً. فاستلحقه مُعَاوِيَة. وَهَذِه أول وَاقعَة خولفت فِيهَا الشَّرِيعَة عَلَانيَة لصريح قَول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر. وَأعظم النَّاس ذَلِك وأنكروه

الصفحة 50