كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 6)

وَسُبْحَان مَا سبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ وَأَرَادَ: فِي مَا الثَّانِيَة لَهُ غير أَنه حذفهَا لطول الْكَلَام وَتقدم ذكرهَا مَعَ مَا فِي الأولى. وَيجوز أَيْضا أَن يكون مَا هُنَا مصدرا فَتكون الْهَاء فِي لَهُ لله تَعَالَى وَإِن لم يجر لَهُ ذكر لِأَنَّهُ قد جرى ذكر الْحَج فدلت الطَّاعَة على المطاع سُبْحَانَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِنِّي وَحج الحجيج لله. ويؤكد ذَاك أَنه لم يعد مَعَ مَا الثَّانِيَة لَهُ لِأَنَّهُ غير مُحْتَاج إِلَيْهَا من حَيْثُ كَانَت مصدرا وَغير محتاجة إِلَى عَائِد وَقد تقدم لَهُ الأولى. وَيجوز أَيْضا أَن تكون مَا عبارَة عَن الْبَيْت فَيقسم بِالْبَيْتِ كَقَوْل زُهَيْر:
(فأقسمت بِالْبَيْتِ الَّذِي طَاف حوله ... رجالٌ بنوه من قريشٍ وجرهم))
فَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك احتملت الْهَاء فِي لَهُ أَمريْن: أَحدهمَا: أَن تكون للبيت على أَن يكون لَهُ بِمَعْنى إِلَيْهِ كَقَوْلِه تَعَالَى: بِأَن رَبك أوحى لَهَا أَي: إِلَيْهَا. وَالْآخر أَن يكون لله تَعَالَى أَي: وَالْبَيْت الَّذِي حج الحجيج لطاعة الله. وسألني أَبُو عَليّ مرّة عَن قَوْله. إِلَى آخر مَا أوردناه أَولا.
فَعلم أَن كَلَام الشَّارِح المحق هُوَ أحد تخريجي أبي عَليّ الْفَارِسِي على تَقْدِير حمل الَّذِي على الله. وَلم يرتضه ابْن جني على هَذَا التَّقْدِير بل جعله على تَأْوِيل: وَالله الَّذِي حج بَيته حَاتِم فَحذف بَيت أَولا ثمَّ الضَّمِير الْعَائِد تدريجاً. وَهَذَا أَقيس من كَلَام أبي عَليّ.

الصفحة 58