كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 6)

مخاطبتي وَلم ترني إِلَى الْيَاء فِي أنني وَلم يعودا على رجل لِأَن الْجُمْلَة فِي الْحَقِيقَة خبرٌ عَن أنني. وَنَظِيره عود الْيَاء إِلَى الَّذِي فِي قَول عَليّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: أَنا الَّذِي سمتن أُمِّي حيدره لما كَانَ الْمَعْنى الَّذِي هُوَ أَنا فِي الْمَعْنى وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يحمل على الضَّرُورَة لِأَنَّهُ وَقع فِي الْقُرْآن نَحْو: بل أَنْتُم قومٌ تجهلون. وَمِمَّا جَاءَ فِي الشّعْر لغير ضَرُورَة قَوْله:
(أأكرم من ليلى عَليّ فتبتغي ... بِهِ الجاه أم كنت امْرأ لَا أطيعها)
وَلم يقل يطيعها وفَاقا لامرئٍ. فَهَذَا دَلِيل على دَلِيل التَّنْزِيل فاعرف هَذَا وَقس عَلَيْهِ نَظَائِره.
انْتهى. وَلَا يخفى أَن مبْنى كَلَامه على أَن الضَّرُورَة مَا لَيْسَ للشاعر عَنهُ مندوحة. وَالصَّحِيح أَنَّهَا مَا وَقع فِي الشّعْر سَوَاء كَانَ عَنهُ مندوحةٌ أم لَا. وصريح كَلَام الإِمَام المرزوقي أَنه قَبِيح مَرْدُود. قَالَ: كَانَ الْقيَاس أَن يَقُول سمته حَتَّى يكون فِي الصِّلَة مَا يعود إِلَى الْمَوْصُول لكنه لما كَانَ الْقَصْد فِي الْإِخْبَار عَن نَفسه وَكَانَ الآخر هُوَ الأول لم يبال برد
الضَّمِير على الأول وَحمل الْكَلَام على الْمَعْنى لأمنه من الإلباس وَهُوَ مَعَ ذَلِك قَبِيح عِنْد النَّحْوِيين حَتَّى إِن الْمَازِني قَالَ: لَوْلَا اشتهار مورده وكثرته لرددته. انْتهى.

الصفحة 63