كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 6)

الْأُصُول: لَا يجوز الَّذِي ضربتك أَنْت وَلَا الَّذِي ضربتني أَنا. فَإِن قدمت نَفسك قبل الَّذِي قلت: أَنا الَّذِي ضربتك وَأَنا الَّذِي ضربتني. قَالَ أَبُو عُثْمَان الْمَازِني: وَلَوْلَا أَن هَذَا حُكيَ عَن الْعَرَب الموثوق بعربيتهم رددناه لفساده. وَمِمَّا جَاءَ فِي الشّعْر فِي صلَة الَّذِي مَحْمُولا على مَعْنَاهُ لَا لَفظه قَوْله:
(وَأَنا الَّذِي قتلت بكرا بالقنا ... وَتركت تغلب غير ذَات سَنَام)
وَلَو حمل على لَفظه لقَالَ قتل. وَلَيْسَ كل كَلَام يحْتَمل أَن يحمل على الْمَعْنى. انْتهى. وَقد جوزه أَبُو ذرٍّ مُصعب بن أبي بكر الْخُشَنِي حَكَاهُ عَنهُ أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف قَالَ: يُجِيز عودة ضمير مطابقاً للْخَبَر فِي الْخطاب والتكلم بِحمْلِهِ على الْمَعْنى. قَالَ: ورد عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ أَن تكون فَائِدَة الْخَبَر حَاصِلَة فِي الْمُبْتَدَأ. وَذَلِكَ خطأ. وَقَالَ نَاظر الْجَيْش فِي شرح التسهيل: الْمُبْتَدَأ يخبر عَنهُ مظْهرا كَانَ أَو مضمراً بمتكلم أَو مُخَاطب أَو غَائِب فَيُقَال فِي الْإِخْبَار عَن هُوَ من قَوْلك: هُوَ قَائِم هُوَ وَفِي الْإِخْبَار عَنهُ إِذا كَانَ لمتكلم أَو مُخَاطب خلافٌ وَالأَصَح الْجَوَاز. وَالضَّمِير الَّذِي يأتى بِهِ خلفا يكون ضمير غيبَة. وَأَجَازَ الْكسَائي: الَّذِي أَنا قَائِم أَنا وَالَّذِي أَنْت قَائِم أَنْت.
وَالْكسَائِيّ نظر إِلَى الْمَعْنى. وَلَا شكّ أَن هَذِه الْمَسْأَلَة نقلت إِلَى مسالة أَنْت الَّذِي قَامَ وَأَنا الَّذِي قَامَ حَيْثُ يجوز فِيهَا. أَنْت الَّذِي قُمْت وَأَنا الَّذِي قُمْت وَلَكِن شَرط مُرَاعَاة الْمَعْنى فِي هَذِه)
الْمَسْأَلَة تقدم الضَّمِير على الِاسْم الْمَوْصُول فَلَو تقدم الْمَوْصُول على الضَّمِير لم يجز مُرَاعَاة الْمَعْنى إِلَّا عِنْد الْكسَائي وَمن ثمَّ أجَاز: الَّذِي أَنا قَائِم أَنا وَالَّذِي أَنْت قَائِم أَنْت. انْتهى.

الصفحة 73