كتاب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي (اسم الجزء: 8)

التَّأْنِيث مَا صيغت الْكَلِمَة عَلَيْهَا وأخرجت الْكَلِمَة من التَّذْكِير إِلَى التَّأْنِيث.
وَلِهَذَا الْمَعْنى قَامَ التَّأْنِيث بِالْألف فِي منع الصّرْف مقَام شَيْئَيْنِ بِخِلَاف التَّأْنِيث بِالتَّاءِ. فَإِذا جَازَ أَن يجمع بِالْوَاو وَالنُّون مَا فِي آخِره ألف التَّأْنِيث وَهِي أوكد من التَّاء فَلِأَن يجوز فِيمَا آخِره التَّاء كَانَ ذَلِك من طَرِيق الأولى.
وَأما ابْن كيسَان فاحتج على ذَلِك بِأَنَّهُ إِنَّمَا جَوَّزنَا جمعه بِالْوَاو وَالنُّون لِأَن التَّاء تسْقط فِي الطلحات فَإِذا سَقَطت وَبَقِي الِاسْم بِلَا تَاء جَازَ جمعه بِالْوَاو وَالنُّون كَقَوْلِهِم: أَرض وأرضون. وكما حركت الْعين فِي أرضون بِالْفَتْح حملا على أرضات فَكَذَلِك حركت الْعين من الطلحون حملا على الطلحات لأَنهم يجمعُونَ مَا كَانَ على فعلة من الْأَسْمَاء دون الصِّفَات على فعلات بِالتَّحْرِيكِ.)
وَقَالَ البصريون: لَا يجوز هَذَا الْجمع. وَالدَّلِيل على امْتِنَاعه أَن نَحْو طَلْحَة فِيهِ عَلامَة التَّأْنِيث وَالْوَاو وَالنُّون عَلامَة التَّذْكِير فَلَو قُلْنَا إِنَّه يجوز الْجمع بِالْوَاو وَالنُّون لَأَدَّى إِلَى أَن يجمع فِي اسْم علامتان متضادتان وَذَلِكَ لَا يجوز. وَلِهَذَا إِذا وصفوا الْمُذكر بالمؤنث فَقَالُوا: رجل ربعَة جَمَعُوهُ ربعاتٍ بِلَا خلاف وَلم يَقُولُوا: ربعون.
وَالَّذِي يدل على صِحَة هَذَا الْقيَاس أَنه لم يسمع من الْعَرَب فِي جمع هَذَا الِاسْم إِلَّا بِالْألف وَالتَّاء كَقَوْلِهِم فِي طَلْحَة: طلحات وهبيرة: هبيرات وَلم يسمع عَن أحدٍ من الْعَرَب أَنهم قَالُوا: الطلحون.
فَإِذا كَانَ هَذَا الْجمع

الصفحة 11