كتاب الخطاب القرآني لأهل الكتاب وموقفهم منه قديما وحديثا
عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} (¬1) , ونحن قبل أن نقوم بذكر أقوال أهل العلم والتفسير في المباهلة ومشروعيتها نقوم بتعريف المباهلة لغة واصطلاحاً.
الفرع الأول: تعريف المباهلة لغة واصطلاحاً.
أولاً: تعريف المباهلة لغةً:
لقد عرف أهل اللغة المباهلة بمعناها المأخوذ من كلام العرب ولغتها:
قال ابن فارس: والمباهلة والابتهال: التضرع في الدعاء، فإن المتباهلين يدعو كل واحد منهما على صاحبه, قال تعالى: {ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} (¬2) (¬3).
قال الرازي (¬4): " والابتهال فيه وجهان:
أحدهما: أن الابتهال هو الاجتهاد في الدعاء وإن لم يكن باللعن, ولا يقال ابتهل في الدعاء إلا إذا كان هناك اجتهاد.
والثاني: أنه مأخوذ من قولهم: عليه بهلة الله أي: لعنته, وأصله مأخوذ مما يرجع إلى معنى اللعن؛ لأن معنى اللعن هو: الإبعاد والطرد, وبهله الله أي: لعنه وأبعده من رحمته, والقول الأول أولى؛ لأنه يكون قوله ثم نبتهل أي: ثم نجتهد في الدعاء ونجعل اللعنة على الكاذب وعلى القول الثاني يصير التقدير ثم نبتهل أي: ثم نلتعن" (¬5).
فتبين من التعريف اللغوي للمباهلة أنها مأخوذة من الابتهال والتبهل بمعنى: التلاعن, والاجتهاد في الدعاء بحصول ووقوع اللعنة على الكاذب أو الظالم من المتبهلين.
¬_________
(¬1) سورة الجمعة الآية: (67).
(¬2) سورة آل عمران الآية: (61).
(¬3) انظر: مقاييس اللغة (1/ 311) مرجع سابق.
(¬4) الرازي: هو فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين الرازي، ولد سنة (544 هـ)، ومات (606 هـ) من مؤلفاته التفسير الكبير المسمى: مفاتيح الغيب. انظر: طبقات الشافعية (2/ 65) مرجع سابق, وطبقات الشافعية الكبرى (8/ 81) مرجع سابق.
(¬5) انظر: مفاتيح الغيب، (8/ 72 - 73) المؤلف: فخر الدين محمد بن عمر التيمي الرازي الشافعي، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت 1421 هـ 2000 م، الطبعة: الأولى, تاج العروس (28/ 129 - 131) مرجع سابق.