كتاب الخطاب القرآني لأهل الكتاب وموقفهم منه قديما وحديثا

فقال الْيَهُودِيُّ: إنما نَدْعُوهُ بِاسْمِهِ الذي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ, فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ اسمي مُحَمَّدٌ الذي سَمَّانِي بِهِ أَهْلِي.
فقال الْيَهُودِيُّ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ.
فقال له رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَيَنْفَعُكَ شَيْءٌ إن حَدَّثْتُكَ؟ قال: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ , فَنَكَتَ (¬1) رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعُودٍ معه فقال: سَلْ.
فقال الْيَهُودِيُّ: أَيْنَ يَكُونُ الناس يوم تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غير الأرض والسماوات؟
فقال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: هُمْ في الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ (¬2).
قال: فَمَنْ أَوَّلُ الناس إِجَازَةً (¬3)؟
قال: فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ.
قال الْيَهُودِيُّ: فما تُحْفَتُهُمْ (¬4) حين يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ؟
قال زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ (¬5).
قال: فما غِذَاؤُهُمْ على أثرها؟
قال: يُنْحَرُ لهم ثَوْرُ الْجَنَّةِ الذي كان يَأْكُلُ من أَطْرَافِهَا.
قال: فما شَرَابُهُمْ عليه؟
قال: من عَيْنٍ فيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (¬6).
قال: صَدَقْتَ.
قال: وَجِئْتُ أَسْأَلُكَ عن شَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ من أَهْلِ الأرض إلا نَبِيٌّ أو رَجُلٌ أو رَجُلَانِ.
¬_________
(¬1) النكت: معناه يخط بالعود في الأرض ويؤثر به فيها وهذا يفعله المفكر المهموم. انظر: الفائق في غريب الحديث, (1/ 371) المؤلف: محمود بن عمر الزمخشري, الناشر: دار المعرفة - لبنان, الطبعة الثانية, تحقيق: علي محمد البجاوي محمد أبو الفضل إبراهيم.
(¬2) الجسر: بفتح الجيم وكسرها لغتان مشهورتان والمراد به هنا الصراط. انظر: المنهاج شرح صحيح مسلم (3/ 29). مرجع سابق.
(¬3) الإجازة: الجواز والعبور, انظر: المصدر السابق.
(¬4) تحفتهم: بإسكان الحاء وفتحها لغتان, وهي ما يهدي إلى الرجل ويخص به ويلاطف. انظر: المصدر السابق.
(¬5) النون: هو الحوت وجمعه نينان. انظر: المصدر السابق.
(¬6) سلسبيلا: قال جماعة من أهل اللغة والمفسرين السلسبيل اسم للعين, وقال مجاهد وغيره هي: شديدة الجري, وقيل في السلسلة اللينة. انظر: المصدر السابق.

الصفحة 135