كتاب الخطاب القرآني لأهل الكتاب وموقفهم منه قديما وحديثا
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (¬1).
وقال تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (¬2).
وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38) يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} (¬3).
الوجه الرابع: "ليُّ اللسان به, ليلبس على السامع اللفظ المنزل بغيره" (¬4).
قال تعالى: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (¬5).
قال ابن عطية رحمه الله: " وهذا اللي باللسان إلى خلاف ما في القلب موجود حتى الآن في بني إسرائيل, ويحفظ منه في عصرنا أمثلة إلا أنه لا يليق ذكرها بهذا الكتاب" (¬6).
وهذا نوع من الافتراء على الله وإلباس الحق بالباطل.
والذي يتبين مما سبق أن هذه الأوجه قد وردت في القرآن الكريم لتبين موقفهم من الخطاب القرآني عبر تاريخهم, وقد نزلت آيات تتحدث عن تبديلهم لكلام الله بما يوافق أهواءهم, وتأويلها بالتأويلات الباطلة, والتفسيرات الفاسدة، وعن زيادتهم ونقصانهم في نصوص الوحي المنزل؛ وكل ذلك ليعطي دلالة توافق ما تُريدُه أهوائهم, وعن إخفائهم لبعض الآيات وإظهارها بحسب ما تقتضيه مصالحهم, وسنذكر بعضاً من المعاني لهذه الآيات التي تتحدث عن تحريفهم ونوضحها في المباحث القادمة التي تتحدث عن الأمثلة لتحريفهم الكلام قديماً وحديثاً.
الوجه الخامس: الزيادة على النص المنزل ليعطي دلالة توافق ما يريدون.
¬_________
(¬1) سورة النحل الآية: (101 - 102).
(¬2) سورة البقرة الآية: (106).
(¬3) سورة الرعد الآية: (3839).
(¬4) انظر: هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى (ص: 102) المؤلف: الإمام ابن القيم الجوزية, الطبعة الثالثة عام (1418 هـ 1997 م) الناشر: مكتبة السوادي جدة.
(¬5) سورة آل عمران الآية: (78 - 79).
(¬6) انظر: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (2/ 76) مرجع سابق.