كتاب الخطاب القرآني لأهل الكتاب وموقفهم منه قديما وحديثا

لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (¬1).
وهذه العداوة والبغضاء اللازمة لهم طوال الزمن أدت إلى إهلاك بعضهم البعض, ولن تتركهم حتى يعودوا إلى رشدهم.
قال الشيخ الصابوني: "وهكذا نجد الأمم الغربية, وهم أبناء دين واحد يتفنن بعضهم في إهلاك بعض، فمن مخترع للقنبلة الذرية إلى مخترع للقنبلة الهيدروجينية، وهي مواد مدمرة، لا يمكن أن يتصور العقل ما تحدثه من تلف بالغ، وهلاك شامل! فالله يهلكهم بأموالهم وأيديهم مصداقاً لقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} (¬2) " (¬3).
فندعو أهل الكتاب أن يتنبهوا لما حصل لأسلافهم من فتن وقلاقل طوال حياتهم في الدنيا بسبب نقضهم عهودهم ومواثيقهم, ونسيانهم عقيدة التوحيد, وأن يعودوا إلى رشدهم قبل أن يحل بهم العذاب كما حل بأسلافهم, قال تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} (¬4).
وقال تعالى: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} (¬5).
¬_________
(¬1) سورة البقرة الآية: (113).
(¬2) سورة التوبة الآية: (55).
(¬3) انظر: صفوة التفاسير للصابوني (1/ 307 - 308) المؤلف: محمد بن علي الصابوني, الناشر: دار الصابوني, الطبعة الأولى عام 1417 هـ 1997 م.
(¬4) سورة الأعراف الآية: (165 - 167).
(¬5) سورة الأعراف الآية: (52 - 53).

الصفحة 293