كتاب الخطاب القرآني لأهل الكتاب وموقفهم منه قديما وحديثا

الفرع الثالث: سبب تسميتهم:
وأما سبب تسميتهم فقد ذكر العلماء أسباباً كثيرة لتسميتهم بهذا الاسم, فقيل إنه نسبة للديانة, وقيل: نسبة ليهودية الشعب, وقيل: نسبة ليهوذا ابن يعقوب, وقيل: نسبة لكثرة رجوعهم وتقلبهم بين الأديان.
قال الشهرستاني: "وإنما لزمهم هذا الاسم لقول موسى - عليه السلام -: {إنَّا هُدْنا إلَيْكَ} (¬1) أي: رجعنا وتضرعنا" (¬2).
وقال البيضاوي (¬3): " تهودوا: يقال هاد وتهود إذا دخل في اليهودية. ويهود إما عربي من هاد إذا تاب, سموا بذلك لما تابوا من عبادة العجل, وإما معرب (يهوذا) وكأنهم سموا باسم أكبر أولاد يعقوب - عليه السلام - " (¬4).
وذكر الثعلبي (¬5): " عن أبي عمرو بن العلاء (¬6) أنه قال: سميت اليهود لأنهم يتهودون, أي: يتحركون عند قراءة التوراة.
وقال بعضهم: سموا بذلك لأنهم مالوا عن دين الإسلام وعن دين موسى" (¬7).
¬_________
(¬1) سورة الأعراف الآية: (156).
(¬2) انظر: الملل والنحل (1/ 209) مرجع سابق.
(¬3) القاضي أبو الخير عبد الله بن عمر بن محمد بن علي، قاضي القضاة، ناصر الدين البيضاوي، توفي سنة (856 هـ)، ومن مؤلفاته تفسيره المسمى: أنوار التنزيل. انظر: طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (2/ 172) مرجع سايق، وطبقات الشافعية الكبرى (8/ 157) مرجع سابق.
(¬4) انظر: تفسير البيضاوي، (1/ 334) المؤلف: قاضي القضاة ناصر الدين البيضاوي، الناشر: دار الفكر - بيروت.
(¬5) الثعلبي هو أحمد بن محمد بن إبراهيم أبو إسحاق النيسابوري الثعلبي صاحب التفسير المشهور، كان عالما بارعاً في العربية حافظا موثقاً، مات 427 هـ، من مؤلفاته: كتاب ربيع المذكرين، وله تفسيره المشهور الكشف والبيان. انظر: طبقات المفسرين السيوطي, (ص: 17) , طبقات المفسرين, (ص: 106).
(¬6) أبو عمرو بن العلاء ابن عمار بن العريان التميمي ثم المازني البصري، شيخ القراء والعربية. اختلف في اسمه، مولده في نحو سنة 70 هـ. انظر: تهذيب التهذيب (12/ 197) مرجع سابق, سير أعلام النبلاء (11/ 494) مرجع سابق.
(¬7) انظر: الكشف والبيان (تفسير الثعلبي) , (1/ 208) , المؤلف: أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري, الناشر: دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان 1422 هـ 2002 م، الطبعة: الأولى، تحقيق: الإمام أبي محمد بن عاشور، مراجعة وتدقيق الأستاذ نظير الساعدي.

الصفحة 62