كتاب الخطاب القرآني لأهل الكتاب وموقفهم منه قديما وحديثا
وقال النووي (¬1) رحمه الله نقلاً عن الواحدي قوله: "وقال ابن الأعرابي (¬2): يقال: هاد إذا رجع من خير إلى شر ومن شر إلى خير, وسمي اليهود بذلك لتخليطهم وكثرة انتقالهم من مذاهبهم.
ويقال: هاد إذا دخل في اليهودية, وتهود إذا تشبه بهم ودخل في دينهم, وهودّ إذا دعي إلى اليهودية, ومنه الحديث: {فأبواه يهودانه} هذا آخر كلام الواحدي" (¬3).
وهذا الكلام لم أجده في كتب الواحدي, فلعل الإمام النووي رحمه الله نقله عن الواحدي بالمعنى.
الفرع الرابع: الألفاظ المتعددة والأوصاف المتنوعة في اليهود المذكورة في القرآن الكريم:
فقد ورد ذكر اليهود في القرآن الكريم بألفاظ متعددة وأوصاف متنوعة على النحو التالي:
1 - (أهل الكتاب) إحدى وثلاثين مرة, ويدخل في هذه المواضع اليهود والنصارى.
أما اليهود فكقوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ} (¬4).
2 - (يا بني إسرائيل) وردت أربعين مرة, وهي لليهود والنصارى, فأما ما أريد به اليهود, فكقوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} (¬5).
3 - وورد ذكر لفظ (اليهود) اثنتين وعشرين مرة, قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ} (¬6).
¬_________
(¬1) أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري بن حسن الشافعي، محيى الدين النووى، ولد سنة (631 هـ)، وتوفي سنة (676 هـ)، من أعظم مؤلفاته شرحه لصحيح مسلم. انظر: طبقات الشافعية الكبرى (8/ 395) مرجع سابق.
(¬2) ابن الأعرابي هو إمام اللغة أبو عبد الله، محمد بن زياد بن الأعرابي الهاشمي مولاهم الأحول النسابة، يروي عن أبي معاوية الضرير وغيره، ولد بالكوفة سنة 150 هـ من آثاره: النوادر، تاريخ القبائل. انظر: سير أعلام النبلاء, (20/ 205) مرجع سابق.
(¬3) انظر: تهذيب الأسماء واللغات (3/ 88) المؤلف: العلامة أبى زكريا محيي الدين بن شرف النووي, المتوفى سنة (676 هـ) الناشر: دار الفكر, بيروت, الطبعة الأولى عام: 1996 م, تاج العروس (1/ 2366) مرجع سابق.
(¬4) سورة آل عمران الآية: (98).
(¬5) سورة طه الآية: (80).
(¬6) سورة البقرة الآية: (113).