كتاب الخطاب القرآني لأهل الكتاب وموقفهم منه قديما وحديثا

قال الشرواني رحمه الله تعالى: "والإسلام هو هذا الدين المنسوب إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - المشتمل على العقائد الصحيحة والأعمال الصالحة" (¬1).
وهو مرادف للدين على التعريف الثاني الذي اخترناه, ولا يقبل الله سبحانه وتعالى من عباده ديناً غيره, وتوعدّ من ابتغى غيره من الأديان بالخسارة في الآخرة, قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬2) , فهو دين واحد جاء به جميع الرسل والأنبياء, كما جاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - (¬3)
قال: قال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: {أنا أَوْلَى الناس بِعِيسَى بن مَرْيَمَ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ, وَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ, أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ} (¬4).
ولهذا كان بعض أهل الكتاب قبل مجيء محمد - صلى الله عليه وسلم - مؤمنون ومصدقون بالرسالات السابقة, فجعل الله لهم الأجر مرتين لتصديقهم للرسالتين بقوله تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} (¬5).
¬_________
(¬1) انظر: حواشي الشرواني على تحفة المحتاج (1/ 21) مرجع سابق.
(¬2) سورة آل عمران: آية (85).
(¬3) أبو هريرة هو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي على خلاف طويل في اسمه - رضي الله عنه -، صحابي جليل، أكثر الصحابة رواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، توفي سنة (57 أو 58 أو 59 هـ) انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، (4/ 177) المؤلف: يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر، الناشر: دار الجيل بيروت، الطبعة الأولى (1412 هـ) تحقيق: علي محمد البجاوي، أسد الغابة في معرفة الأصحاب (3/ 475)، المؤلف: عز الدين بن الأثير أبي الحسن علي بن محمد الجزري، دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان، الطبعة الأولى 1417 هـ 1996 م، تحقيق: عادل أحمد الرفاعي, والإصابة في تمييز الصحابة (4/ 316) المؤلف: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي, الناشر: دار الجيل - بيروت الطبعة الأولى ..
(¬4) أخرجه البخاري في صحيحه, باب قوله تعالى: {وَاذْكُرْ في الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انْتَبَذَتْ من أَهْلِهَا} (3/ 1267) برقم (3259) مرجع سابق.
(¬5) سورة القصص: الآية (52 - 54).

الصفحة 86