كتاب الخلاصة في تدبر القرآن الكريم

العلاقة بين التدبر وما يقاربه من الألفاظ
أولًا: علاقته بالتفسير:
إن أصل مادة (التفسير) تدور على الكشف والبيان؛ يقال: فسَّر الكلام؛ أي: أبان معناه وأظهره، فهو إخراج الشيء من مقام الخفاء إلى مقام التَّجَلِّي (¬1).
وأما في الاصطلاح: فهو علم يُبحث فيه عن أحوال القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية (¬2).
وبناء على ذلك، يقال في العلاقة بين التفسير والتدبر: بأن بينهما ملازمة؛ وذلك أن التوصل إلى مراد الله تعالى من كلامه يحتاج إلى تدبر ونظر وتأمل، كما أن التدبر يتوقف على معرفة المعنى. والله أعلم.

ثانيًا: علاقته بالتأويل:
التأويل يأتي لمعنيين (¬3):
الأول: بمعنى التفسير؛ ومن ذلك قوله تعالى: {سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} (الكهف: 78)، وقوله: {ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} (الكهف: 82)، وقوله: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} (آل عمران: 7)؛ على أحد الأوجه في التفسير.
¬_________
(¬1) ينظر: مقاييس اللغة (كتاب الفاء، باب الفاء والسين وما يثلثهما) (4/ 504)، الصحاح (مادة: فسر) (2/ 781)، المصباح المنير (مادة: فسر) ص: 385، واللسان (مادة: فسر) (5/ 55)، المفردات (مادة: فسر)، ص: 38.
(¬2) ينظر: قواعد التفسير (1/ 29).
(¬3) وذلك هو المعهود في القرآن، وفي كلام العرب. وللمتأخرين إطلاق ثالث لا حاجة لذكره هنا.

الصفحة 15