كتاب الخلاصة في تدبر القرآن الكريم

أن الله تعالى أنكر على من لم يتدبره؛ كما في قوله - عز وجل -: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (النساء: 82)، وقوله: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (محمد: 24).
قال الشيخ الشنقيطي - رحمه الله - تعليقًا على هذه الآية: «ومعلوم أن كلَّ من لم يشتغل بتدبُّر آيات هذا القرآن العظيم- أي: تَصَفُّحِها وتَفَهُّمِها، وإدراك معانيها والعمل بها- فإنه مُعْرِض عنها، غير متدبِّر لها؛ فيستحق الإنكار والتوبيخ المذكور في الآيات إن كان الله أعطاه فهمًا يقدر به على التدبر، وقد شكا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ربه من هجر قومه هذا القرآن؛ كما قال تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} (الفرقان: 30).
وهذه الآيات المذكورة تدل على أن تدبر القرآن وتَفَهُّمَه وتَعَلُّمَه والعمل به، أمر لا بد منه للمسلمين.
وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المشتغلين بذلك هم خير الناس؛ كما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - فِي الصحيح، من حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» (¬1)، وقال تعالى: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} (آل عمران: 79).
فإعراض كثير من الأقطار عن النظر في كتاب الله وتَفَهُّمه والعمل به وبالسنة الثابتة المُبَيِّنة له، من أعظم المناكر وأشنعها، وإنْ ظن فاعلوه أنهم على هدى ... » (¬2).
¬_________
(¬1) رواه البخاري (5027).
(¬2) أضواء البيان (7/ 257).

الصفحة 22