كتاب الخلاصة في تدبر القرآن الكريم

يقترحونها لا تُوجِب هداية، بل الله هو الذي يهدي ويُضِل، ثم نَبَّهَهُمْ على أعظم آية وأَجَلِّها وهي طمأنينة في قلوب المؤمنين بذكره الذي أنزله، فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} (الرعد: 28)؛ أي: بكتابه وكلامه، {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}؛ فطمأنينة القلوب الصحيحة والفطر السليمة به وسكونها إليه من أعظم الآيات؛ إذ يستحيل في العادة أن تطمئن القلوب وتسكن إلى الكذب والافتراء والباطل» اهـ (¬1).
وذلك يحصل لهم بتدبره من وجوه متعددة؛ منها:
اتساق معانيه (¬2).
ائتلاف أحكامه (¬3).
«تأييد بعضه بعضًا بالتصديق، وشهادة بعضه لبعض بالتحقيق؛ فإن ذلك لو كان من عند غير الله لاختلفت أحكامه، وتناقضت معانيه، وأبان بعضه عن فساد بعض» (¬4).
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: «أفلا يتدبرون القرآن فيتفكرون فيه، فيرون تصديق بعضه لبعض، وما فيه من المواعظ والذكر والأمر والنهي، وأن أحدًا من الخلائق لا يقدر عليه» (¬5).
¬_________
(¬1) مدارج السالكين (3/ 471).
(¬2) تفسير ابن جرير (8/ 567).
(¬3) السابق (8/ 567).
(¬4) ما بين علامتي التنصيص من كلام ابن جرير (8/ 567)، وينظر أيضًا: تفسير البغوي (1/ 566)، المحرر الوجيز (2/ 612)، تفسير الرازي (10/ 196)، تفسير الخازن (1/ 563)، تفسير النيسابوري (2/ 455 - 456)، تفسير البقاعي (5/ 339 - 340)، روح المعاني (5/ 92)، التحرير والتنوير (1/ 67)، (5/ 137).
(¬5) معاني القرآن للزجاج (2/ 82)، زاد المسير (2/ 144)، تفسير الخازن (1/ 563).

الصفحة 29