كتاب الخلاصة في تدبر القرآن الكريم

2 - ما يُطلب مراعاته أثناء القراءة:
أ. أن ينظر فيما هو أدعى إلى تدبره: من القراءة عن ظهر قلب، أو من المصحف؛ إذ إن الناس في ذلك يتفاوتون، فيختار كل واحد ما هو أقرب لتدبره وحضور قلبه، فإنِ اسْتَوَيَا فالقراءة في المصحف تَفْضُلُ على القراءة عن ظهر قلب.
وهذا القول أعدل الأقوال، واستحسنه النووي - رحمه الله - وقال: «والظاهر أن كلام السلف وفعلهم محمول على هذا التفصيل» اهـ (¬1).
ب. أن يختار الأصلح لقلبه من الجهر والإسرار:
وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على فضل الجهر بالتلاوة؛ كحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ» (¬2).
وعنه أيضًا - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا أَذِن الله لِشَيْءٍ مَا أَذِن لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ أَنْ يَجْهَرَ بِالقُرْآنِ» (¬3)، كما ثبت ذلك من فعله - صلى الله عليه وسلم - وفعل أصحابه في عدد من الأحاديث والآثار الصحيحة.
وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - لرجل ذكر له أنه سريع القراءة: «إن كنت لا بد فاعلًا، فاقرأ قراءة تُسْمِعُ أذنيك، وتوعيه قلبك» (¬4).
¬_________
(¬1) التبيان للنووي ص: 78، وينظر: الأذكار له ص: 161، وفتح الباري (8/ 708)، والإتقان (1/ 304)، وفيض القدير (1/ 561).
(¬2) رواه البخاري (7527).
(¬3) رواه البخاري (5023، وأطرافه في: 5024، 7482، 7544)، ومسلم (792/ 233).
(¬4) رواه سعيد بن منصور في السنن (161 قسم التفسير). وللتوسع في تخريجه ينظر في حاشيته.

الصفحة 53