كتاب الخلاصة في تدبر القرآن الكريم

وقام تميم الداري - رضي الله عنه - بآية حتى أصبح؛ وهي قوله: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (الجاثية: 21) (¬1)، فلم يزل يكرِّرها ويبكي حتى أصبح وهو عند المقام. وكذلك قام بها الربيع بن خُثيم (¬2).
وردَّدَ الحسن البصري - رحمه الله - ليلة: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} (النحل: 18)، حتى أصبح، فقيل له في ذلك، فقال: إن فيها مُعْتَبرًا، ما نرفع طَرْفًا ولا نرده إلا وقع على نعمة، وما لا نعلمه من نعم الله أكثر (¬3).
وعن سعيد بن جبير - رحمه الله - أنه ردد قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} (البقرة: 281)، بضعًا وعشرين مرة (¬4)، وردد قوله تعالى: {الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ} (غافر: 70، 71) (¬5).
ورُوي عنه أنه أحرم بنافلة فاستفتح: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} (الانفطار: 1)، فلم يزل فيها حتى نادى منادي السَّحَر (¬6).
وعن الضحاك - رحمه الله - أنه رَدَّدَ قوله تعالى: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} (الزمر: 16) (¬7).
¬_________
(¬1) أخرجه ابن المبارك في الزهد (94)، وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ص: 149، والطبراني في الكبير (1236، 1237).
(¬2) سيأتي قريبًا.
(¬3) رواه ابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (53).
(¬4) أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن (189)، وابن أبي شيبة في المصنف (36499)، وأحمد في الزهد (2165)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 272)، والأصبهاني في سير السلف الصالح، ص 781.
(¬5) أخرجه وكيع في الزهد (156)، وعبدالرزاق في المصنف (4196)، وابن سعد في الطبقات (6/ 271)، وابن أبي شيبة في المصنف (8455)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 272)، والمستغفري في فضائل القرآن (59).
(¬6) رواه أبو عبيد في فضائل القرآن (189).
(¬7) التبيان في آداب حملة القرآن ص: 69.

الصفحة 60