كتاب الخلاصة في تدبر القرآن الكريم

وعن عامر بن عبد القيس - رحمه الله - أنه قرأ في ليلة سورة غافر، فلما انتهى إلى قوله: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} (غافر: 18)، فلم يزل يرددها حتى أصبح (¬1).
وقال محمد بن كعب - رحمه الله -: «لأن أقرأ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}، و {الْقَارِعَةُ}؛ أرددهما وأتفكر فيهما، أحبُّ من أن أبيت أَهُذ القرآن» (¬2).
وقال زائدة - رحمه الله -: «صليت مع أبي حنيفة في مسجده عشاء الآخرة، وخرج الناس، ولم يعلم أني في المسجد، وأردت أن أسأله مسألة من حيث لا يراني أحد، قال: فقام فقرأ، وقد افتتح الصلاة، حتى بلغ إلى هذه الآية {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} (الطور: 27)، فأقمت في المسجد أنتظر فراغه، فلم يزل يرددها حتى أَذَّن المؤذن لصلاة الفجر» (¬3).
وقال رجل لابن المبارك - رحمه الله -: قرأت البارحة القرآن في ركعة، فقال: «لكني أعرف رجلًا لم يزل البارحة يقرأ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} إلى الصبح، ما قدر أن يجاوزها»؛ يعني: نفسه (¬4).
¬_________
(¬1) رواه أبو عبيد في فضائل القرآن (187).
(¬2) الزهد لابن المبارك، ص: 287، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (3/ 214).
(¬3) تاريخ بغداد (15/ 487).
(¬4) رواه الدينوري في المجالسة (1232)، ومن طريقة ابن عساكر في تاريخه (32/ 435).

الصفحة 61